ثانياً: أني لا أخاطبكم في أشخاصكم، ولكني أخاطب كل شابٍ مؤمن، وكل داعية، وكل غيور على دين الله، وكل حريصٍ على نصرة هذا الدين قرب أم بعد.
بتكميل النفس بمعالي الأمور، علماً وعملاً ودعوةً وعبادة، فإن هذه الأشياء فيها شغل أي شغلٌ، الإقبال على النفس باستخدام العقل الذي أعطاك الله تعالى، وألا تعير عقلك غيرك، قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا} [سبأ:46] لا تجعل عقلك تبعاً لقولي أو رأيي أو شخصي أو قناعتي، ولا لفلانٍ أو علان، بل هذا العقل الجوهرة النفيسة التي أعطاك الله، استخدمها واعرض ما أقوله لك أنا أو غيري على هذا العقل؛ لتعرف بنور العقل المنور بالشرع -أيضًا- تعرف الحق من الباطل، والخطأ من الصواب، والنافع من الضار.
والإقبال على النفس -أيضًا- بتنقصها وازدرائها وعتابها.
لنفسي أبكي لست أبكي لغيرها لنفسي من نفسي عن الناس شاغل فإن الكثيرين ينطلقون في انتقاص غيرهم ونقد غيرهم؛ من منطلق الإحساس بالكمال الموهوم، أو الإحساس بالفوقية اللاشعورية، فبذلك يزدري غيره، فلو أقبل على نفسه، ورأى ما فيها من النقائص والجهالات والعيوب والظلم والأمراض الخفية؛ لرأى أن له شغلاً بنفسه عن غيره، وطوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس: أقبل على الروح فاستكمل فضائلها فأنت بالروح لا بالجسم إنسان