Q ما رأيك في شراء الناس للمواد الغذائية والمياه وتخزينها، وهل هذا العمل صحيح أم خاطئ؟ وهل هناك توجيه؟
صلى الله عليه وسلم أنا أريد أن أسأل أولئك الذين بالغوا في شراء المواد الغذائية والمياه حتى ربما قلت من الأسواق وارتفعت أسعارها، في حالة حصول حرب -مثلاً- هل يرضى هؤلاء أن يغلقوا عليهم بيوتهم ويجلسوا ويشربوا ويدعوا الناس ممن حولهم من إخوانهم وجيرانهم وأقاربهم يموتون جوعاً وعطشاً، أين أنتم من الإيثار الخلقي الإسلامي العظيم الذي بمقتضاه مدح الله تعالى أقواماً بقوله: {وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر:9] بل أين أنت حتى قبل الإسلام، كان العربي في الجاهلية يقول: ولو إني حبيت الخلد فرداً لما أحببت بالخلد انفرادا فلا هطلت عليَّ ولا بأرضي سحائب ليس تنتظم البلادا يدعو أن المطر الذي لا ينزل على البلاد كلها لا ينزل عليه، فيا أخي الكريم! يجب أن نكون مؤمنين حقاً، فالإنسان يفعل الأسباب، لكن كون الناس أصابهم سعار عجيب، فاقبلوا على المواد والبضائع والتموينات والأطعمة والأشربة والمياه وغيرها يخزنونها ويقتنونها بكميات كبيرة أمرٌ يثير العجب والدهشة، هل نحن نريد أن يكون شأننا كشأن ذلك الرجل المغفل الذي رفع يديه وقال: اللهم إني أسألك ميتة كميتة أبي خارجة فتعجب الناس من حوله وظنوا أن أبا خارجة هذا مات شهيداً بين الصفين في سبيل الله عز وجل يتشحط في دمه، قالوا: رحمك الله ومن هو أبو خارجة هذا؟ قال: أبو خارجة هذا أكل مُدين من الحنطة وشرب منوين من العسل وقعد في الشمس حتى دفئ فمات شبعان ريان دفئان، فهو يريد أن يموت كميتته! فهذا -يا إخوان- لا يصلح فينبغي أن ندرك أن هذه الأمور، ينبغي فيها الاعتدال فكون الإنسان يحتاط ويأخذ وسائل واحتياطات، وأسباب لا لوم عليه وإن كنت لا أرى هذا لازماً كما يتصور البعض أبداً، قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق:3] وقال: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} [إبراهيم:12] وقال: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران:122] لكن يفعل الإنسان الأسباب المادية إذا احتاج إليها، أما المبالغات التي إنما صدرت بسبب الرعب والفزع والهلع والقلوب الضعيفة والنفوس الرخوة والترف الذي قتلنا قتلاً -أيها الإخوة- حتى رجولتنا قتلها، فهذا لا ينبغي.