قضية عدم مساعدة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر

هناك قضية خطيرة تتعلق بهذا الموضوع، مع انتشار المحرمات والمنكرات وشيوعها بشكل يقلق القلوب، ويزعج النفوس، ويبكي العيون، إذا فسدت البيئة، فقل على هذه المجتمعات السلام، تدعون فلا يستجاب لكم، وتستنصرون فلا تنصرون، وتستغيثون فلا تغاثون.

من أسباب حرمان الناس من إجابة الدعاء: أن تشيع المنكرات بينهم فلا يغيرونها، فهذه النقطة التي أريد أن أؤكد عليها اليوم؛ إنه مع انتشار الفواحش والجرائم والموبقات والمنكرات، وإعلان الناس بها، أصبح الواحد منا والعياذ بالله يشعر بأن كل من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر كأنه ضده.

في المجتمعات الأولى في عهد الرسول عليه السلام ومن بعده، كان هناك عصاة -بلا شك- فكانت توجد معاصي قليلة، لكن كان العاصي يبكي ندماً على معصيته، ويحزن، ويحب الصالحين، والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، ويواليهم ويشعر بالخطأ، أما اليوم فكما يقول المثل: حشفاً وسوء كيلة.

مع أن الواحد يعصي، ويرتكب ما حرم الله عز وجل، ويجاهر بالمعاصي، ويساهم بأن يمد يده إلى الأعداء -بقصد أو بغير قصد- في تخريب مجتمعات المسلمين، مع ذلك كله إذا وجد هذا الإنسان من يأمر بالمعروف أو ينهى عن المنكر، سواء شخصاً محتسباً أو جهات رسمية كهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو غيرها، لا يمد يده إليهم بالمعاونة، كيف هذا يا إخواني؟ أين الولاء والبراء في الإسلام؟ الولاء للمؤمنين يوجب عليك أيها المسلم الذي تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويوجب عليكِ أنتِ أيتها المسلمة الناطقة بالشهادتين، يوجب عليكم يا من تترددون إلى المساجد؛ أن تمدوا أيديكم إلى الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، أن تكونوا أنتم الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر، أن نكون يداً واحدة في مقاومة هذا الانحراف وفي إصلاح المجتمع، وإلا فالواقع -الآن- أن كثيراً من الناس يخربون بيوتهم بأيديهم.

الإنسان الذي يأتي إلى البيت بجهاز فيديو، أو مجلة، أو شريط غناءٍ منحل، هذا في الواقع يخرب بيته بيده، وماذا فعل هذا الإنسان في سبيل مقاومة المنكرات؟! تجد أنه إذا سمع من ينصحه، قال: دعنا نحن نعرف كل شيء.

المؤسف أنك تعرف كل شيء، أنت والله لا تعرف شيئاً، وإن كنت تعرف شيئاً فإن هذه المعرفة لا تنفعك بل تضرك، ثم إذا وجد من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويدعو إلى الإصلاح، فإنه -لا أقول: لا يساعده ولا يمد يده إليه- بل ربما يقف حجر عثرة في سبيله، ربما يتكلم عليه بما لا يليق، ربما يرميه ويؤذيه بالألفاظ غير اللائقة، هل هذا هو حق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر علينا؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015