إن من المجاهرة بالمعاصي اليوم ما نجده من الخطوات والأسباب والوسائل المؤدية إلى الفاحشة الكبرى "الزنا"، الذي وصفه الله تعالى بأنه فاحشة، وحكم على فاعله -إن لم يكن محصناً- بالجلد مائة جلدة، وإن كان محصناً فإنه يرجم بالحجارة حتى يموت شر ميتة -نسأل الله العافية- وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم مصير فاعليه من الذكور والإناث، بأنه أبشع وأفظع مصير، كما في صحيح البخاري عن سمرة بن جندب رضي الله عنه: {أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى الفجر التفت إلى أصحابه، فقال لهم: هل رأى أحد منكم رؤيا؟ فإن رأى أحد رؤيا قصها على النبي صلى الله عليه وسلم.
وإنه التفت عليهم يوماً، فقال: هل رأى منكم أحد رؤيا؟ قلنا: لا يا رسول الله.
قال: لكني رأيت الليلة ملكين أتياني فأخذا بيدي، فصعدا بي جبلاً عظيماً، فمرا بي على رجل قاعد، ورجل قائم على رأسه معه كلوب من حديد، يضعه في شدقه -أي في الجانب الأيمن من فمه- فيشرشره حتى يبلغ قفاه، ثم يصنع بشدقه الآخر مثل ذلك، فيلتئم الأول، فيعود فيصنع به كذاك، فقلت: ما هذا؟ قالا لي: انطلق انطلق.
قال: فانطلقنا حتى أتيا بي على نهر من دم ورجل في وسط النهر، وعلى حافة النهر رجل آخر بين يديه حجارة، فإذا اقترب هذا الرجل ليخرج؛ ضربه فعاد كما كان.
فقلت: ما هذا؟ قالا لي: انطلق انطلق.
قال: فانطلقنا حتى أتيا بي على شيء مثل التنور، أعلاه ضيق وأسفله واسع، وفيه رجال ونساء، ونيران تتلهب، فإذا ارتفعت بهم النيران صرخوا وضوضوا، فدهش الرسول صلى الله عليه وسلم لهذا، وقال: ما هذا؟ قالا لي: انطلق انطلق} إلى آخر الرؤيا، المهم: أن هؤلاء الملائكة بعد أن انتهت هذه الرؤيا الطويلة، فسرا للنبي صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى، فقالا له: {أما الرجل الذي يشق شدقه، فهو الرجل يكذب الكذبة فتبلغ الآفاق، فيصنع به ذلك إلى يوم القيامة} فهذه عقوبة الله عز وجل للكذابين، الذين يهتكون أعراض الناس، ويسيئون إليهم ويشوهون سمعتهم بالأقوال الكاذبة، يفعل بهم ذلك إلى يوم القيامة جزاءً وفاقاً {وأما الرجل الذي في وسط النهر، فآكل الربا} الذي يأكل الربا مثل الذي يسبح في هذا النهر من دم، إذا أراد أن يخرج ضربه الملك حتى يعود في وسط النهر، في وسط هذه اللجة المتلوثة {وأما التنور الذي رأيت ومن رأيت فيه، فهم الزناة والزواني، يصنع بهم ذلك إلى يوم القيامة} كما تلذذوا في الدنيا بهذه اللذة الحرام، فالله عز وجل يعاقبهم من حين أن يموتوا إلى يوم القيامة؛ أن يكونوا وسط هذا التنور يعذبون، ولهم فيه صراخ وأصوات، وإذا كانوا فيه إلى عرصات القيامة فلهم وراء ذلك عذاب عظيم.
أ/ السفور: أيها المسلمون والمسلمات هذه الفاحشة الكبرى، مما يؤرق ويحزن قلوب المصلحين؛ إن كثيراً من الناس اليوم لا أقول وقعوا فيها، لكن صاروا قاب قوسين أو أدنى منها، لأن الفاحشة الكبرى لها خطوات، من خطوات الفاحشة الكبرى: السفور.
وكم هو محزن أن المسلمة التي تنطق بالشهادتين، وتصلي الصلوات الخمس، ويمكن أنها تأتي لتصلي التراويح والقيام، تخرج إلى الأسواق وقد لبست أجمل ثيابها، وتعطرت، ولبست هذه العباءة الخفيفة، وهذا الحجاب الخفيف الذي يلمعها، وبدأت تقف أمام أصحاب الدكاكين وأصحاب المعارض، تبايعهم وتشاريهم وتتبسط معهم في الحديث وتضاحكهم، وقد تقف أمام بائع الذهب، وقد يمس يدها، وقد يخرج من يدها الذهب أو يدخل في يدها الذهب، وقد يرى ذراعها كاملاً أين يوجد هذا؟! أهذا يقع في بلاد يظللها علم لا إله إلا الله محمد رسول الله؟ أهذا يقع من امرأة تؤمن بالله واليوم الآخر -مع الأسف الشديد- أن هذه المرأة قد تكون متزوجة في داخل بيتها لا يرى زوجها منها إلا الأمر السيئ، قد تقابل زوجها بثياب المطبخ، وقد تستقبل زوجها بروائح منتنة وبوجه مكفهر، وبأخلاق رديئة، وبعبارات بذيئة، قد يقع منها هذا، لكن حينما تكون مع رجال أجانب فخذ من التلطف والخضوع بالقول، والتجميل في الملبس والطيب والذهب وإظهار المفاتن والمحاسن، وإغراء هؤلاء الرجال قال الله: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [النور:19] .