Q نريد من فضيلة الشيخ إلقاء كلمة إلى أولياء أمور الشباب والنساء؛ لتيسير أمور الزواج، جزاك الله خيراً؟
صلى الله عليه وسلم مثل هذا الموضوع وهو موضوع تيسير أمور الزواج، لا شك أنه موضوع خطير, وله تأثير كبير في المجتمع, وذلك لأن كل شاب وفتاة ركب الله فيهم بحكمته هذه الغريزة، التي لا بد لها من إشباع, فإذا سد أمامها طريق الحلال ربما تتجه إلى طريق الحرام، خاصة عند من لا يخاف الله.
وكثير من الشباب المنحرفين لو وجدوا الطريقة الصحيحة لإشباع هذه الغرائز ما لجئوا للحرام, لكن وجدوا الصعوبات، صعوبات مالية، ولا بد من سن معين بعد التخرج، وبيت واستعدادات وتكاليف، وهذا الشاب ربما لو جمع كل ما يستطيع؛ ما قام هذا الذي يجمعه بتكاليف قصر الأفراح في ليلة الزواج, فما بالك بما سوى ذلك من التكاليف؟! فيجب أن نعلم جميعاً؛ أننا بتيسير أمور الزواج نفتح طريقاً للصلاح للجنسين, ونسد باباً من أبواب الشيطان, ولكن -أيضاً- ليست كلمة في هذا المجال بكافية, لأن المجتمع الآن -وهذا مثال لما ذكرته قبل قليل من ضغط المجتمع- أصبح يتنافس على المغالاة في هذه الأشياء، ويتحدث أن فلاناً ابن فلان في ليلة الزواج دفع سبعين ألفاً أو مائة ألف, وفلان دفع كذا وكذا مهراً: وفلان تكلف كذا وكذا.
وأصبحت النساء ذوات تأثير في مثل هذه القرارات.
فالمجتمع كله يسير في هذا الاتجاه.
فنحن لسنا بحاجة إلى كلمات توجيهية, نحن بحاجة إلى واقع عملي وتطبيق وقدوة، فالقدوة تعادل عشرات الكلمات والكتب, لو أن بعض الصالحين المتحمسين لهذا الأمر زوجوا بناتهم بأثمان أو مهور يسيرة ورمزية, وتركنا الناس يتحدثون، فلا مانع من نشرها، على سبيل القدوة لا على سبيل الرياء, اجعل المجتمع بدلاً من أن يتحدث أن فلاناً دفع مائة ألف في ليلة أو ليلتين, اجعل المجتمع يتحدث أن فلاناً زوج بنته بعشرين أو عشرة ريالات, فإن الناس يتحدثون في القضايا التي تكون غير عادية.
وقد سمعت أحد المشايخ الكبار يقول: إنه جاءه رجل ليعقد لشاب على بنته, قال: ولما سألتهم كم المهر حتى أسجله في الورقة؟ قال: بريال واحد, قال: فقلت له: أنا لا يمكن أن أكذب -لأنه جرت عادة الناس في مجتمعنا أنهم يعطون مهراً رمزياً في الورقة لكن الواقع خلافه، أي يقول: بخمسة ريالات، والواقع أنه بخمسين ألف أو مائة ألف- فقال له هذا الشيخ: أنا لا يمكن أن أكتب إلا الواقع والحق.
فقال له هذا الرجل: هذا هو الواقع والحق, وهذا هو الزوج أمامك، إنني لم آخذ منه إلا ريالاً واحدا ًفقط, وإنني مستعد بتحمل جميع النفقات المتعلقة بهم, مثل هذه القصة يتحدث عنها الناس؛ لأنها غريبة.
فلو أن عشرة أو عشرين في بلد كالرياض -مثلاً- سلكوا هذا الطريق، لتحدث الناس عن ذلك وأعجبوا به؛ لأن كل فرد من الناس قد تضايق من هذه التبعات الثقيلة، والتكاليف العظيمة.