إغراق المنطقة في صراعات مستمرة

قد يتعجب بعضكم ويقول: ما علاقة هذه الأهداف بما جرى؟ فأقول: المنطقة الإسلامية والعربية منطقة مهمة، وخاصة منطقة الخليج العربي، حيث فيها أعظم مخزون نفطي في العالم، فضلاً عن موقعها الاستراتيجي، فالغرب وضع دولة إسرائيل في فلسطين في قلب البلاد الإسلامية، وعقد معها حلفاً تاريخياً وثيقاً، هو الذي صنعها وأوجدها وحماها ولا يزال، ولا يأمن الغرب من التغيير الإسلامي في أي وقت، مهما وجد أمثال صدام وغيره من الذين يحالفونه، فإنه لا يأمن أن يقدم الإسلام وتصبح هذه القوة في أيدي المسلمين يوماً من الأيام.

ولذلك يسعى الغرب إلى إغراق المنطقة في صراعات مستمرة، وهذا في مصلحته لأن فيه إنهاكاً للمسلمين وشغلاً لهم عن التفكير بأن يصححوا أنفسهم، أو يتقدموا في مجالات الحضارة والعلم والصناعة وغيرها.

فلا غرابة أن يخطط الغرب لمثل هذه الأعمال، ولا غرابة أن يفتعل الغرب حروباً طاحنة ويدعم فيها الطرفين كليهما، حتى يخرجا من هذه الحرب في غاية الإنهاك.

ولعل من الأمثلة لذلك: الحرب العراقية الإيرانية.

فإن القوى الغربية كانت تدعم العراق وتدعم إيران في نفس الوقت، وكان من مصلحتها أن تستمر هذه الحرب إلى أجل معين.

ومثل ذلك ما يجرى في لبنان منذ سنين طويلة.

ومع تزايد الصحوة الإسلامية أصبح هناك خوفٌ مقلقٌ، كثيراً ما تردده التقارير الغربية ومراكز البحث ومراكز الدراسات المستقبلية، وهي تدق ناقوس الخطر من الإسلام القادم، وتضخم هذه الظواهر والحقائق، وتبالغ في تصويرها، حتى أصبح رجل الشارع العادي في أمريكا أو أوروبا؛ فزعاً مما يسميه بالأصولية أو الصحوة الإسلامية، أو ما يسمونه بالتطرف أو أي اصطلاح آخر.

ولذلك تحرص هذه القوى الغربية على إرجاع الأمة الإسلامية دائماً إلى الوراء، لتنتهى حيث بدأت، وتحرص على هز بعض الأنظمة التي تعتقد أنها خرجت عن المدار، وتستبدل بها أنظمة أخرى تكون أكثر ولاءً للغرب، وكل هذا يؤيد فكرة الغرب حول إسرائيل، وأهمية وجودها في المنطقة، كحليف تاريخي لمصالح النصارى في البلاد الإسلامية.

من هنا جاءت هذه الأحداث المرسومة بدقة، وحين نقول: بدقة، نقول: هم بشر يخطئون ويصيبون في أحداثهم وخططهم، ويجتهدون في تحقيق مصالحهم، لكن: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال:30] وكم حاولوا ثم فشلوا، ولعل ما جرى للروس في أفغانستان شاهد عيان، حيث جروا أذيال الخيبة وخرجوا منها مهزومين، وأدركوا بعد ذلك أنها كانت مغامرة خاطئة، وحاسبوا من كان سبباً فيها.

فليس معنى ذلك أن كل ما يخططونه فهو ناجح ولابد، بل قد يخططون أشياء، وتأتي الأمور على خلاف ما يريدون وخلاف ما يتوقعون، ولذلك ليس ببعيد أن يكون الغرب وأن يكون النصارى؛ وراء دفع العراق إلى دخول الكويت، وأنهم أعطوه الضوء الأخضر لذلك.

ومما يؤكد هذا: الحشود العراقية على الحدود الكويتية منذ زمن، ومن الظاهر جداً أن هناك حركة غير عادية، فضلاً عن التهديدات الصريحة، إضافةً إلى هذا وذاك، فإن الدوائر الأمنية في أمريكا وغيرها؛ أطلعت مسئولين في المنطقة على ما أسمته بمخططات عراقية لغزو دولهم.

وهذا معناه أنهم اطلعوا على مخططه لغزو الكويت، ولكن لمصلحة معينة يريدونها لم يريدوا أن يعلنوا هذا في حينه، ولا أن يتخذوا مواجهة ضد غزو العراق لالكويت، وسمحوا له بذلك لأمر يريدونه ويخططونه، وإن كانوا استنكروا ذلك وشجبوه في أجهزة إعلامهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015