الولاء والبراء من أصول الدين

الولاء للمؤمنين والبراءة من الكافرين والمشركين؛ أصلٌ من أصول هذا الدين، قال الله عز وجل: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [المجادلة:22] وهذا الولاء والبراء هو جزء من مفهوم "لا إله إلاالله" فإن "لا إله إلا الله" نفي وإثبات: نفي الألوهية عن كل أحد إلا الله، وإثبات الألوهية لله تبارك وتعالى وحده، ومعنى ذلك: أن المؤمن يعلن البراءة من كل معبودٍ سوى الله تعالى، كما قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام فيما حكى الله تعالى عنه: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ} [الممتحنة:4] فأعلن إبراهيم -أبو الحنفاء وإمام الموحدين- أعلن البراءة من المشركين قبل أن يعلن البراءة من معبوداتهم {إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ} [الممتحنة:4] .

وها هنا أود أن أشير إلى خطأ وقع فيه الكثيرون: من المعروف أن الرافضة يستخدمون لفظ البراءة من المشركين، حتى إنهم في أعمالهم العنيفة المنحرفة التي كانوا يؤذون بها حجاج بيت الله الحرام، كانوا يسمونها: مسيرة البراءة من المشركين، والواقع أن هذا الاصطلاح الذي يستخدمه الرافضة هو من باب التضليل، وذر الرماد في العيون، وإلا فمن هم المشركون في نظر الرافضة؟ نحن المشركون في نظرهم، وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي والمسلمون من ذلك العصر إلى اليوم، فهم حين يقولون: البراءة من المشركين، لا يقصدون -كما يتصور السذج فقط روسياوأمريكا وغيرها من الدول- بل يقصدون البراءة من المؤمنين الموحدين لأنهم في نظرهم مشركون.

وقد التبس هذا الأمر على بعض المتحدثين في أجهزة الإعلام، فقالوا: إن البراءة من المشركين أمر فعله الرسول عليه الصلاة والسلام، حين كان في حالة حرب مع اليهود أو مع النصارى وقد زالت.

وهذا كلام خطير جداً؛ لأنه هدم ونسخ لأصل من أصول التوحيد، البراءة من المشركين حكم باقٍ إلى قيام الساعة، أليس إبراهيم عليه السلام يقول: {وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ} [الممتحنة:4] فليس صحيحاً أنه حين يستخدم أهل البدعة والضلالة مصطلحاً شرعياً نتخلى عنه نحن، ونحاول أن نفرغ هذا المصطلح الشرعي من مفهومه الصحيح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015