درجات الإيمان بالبعث

الإيمان بالبعث نفسه على درجتين: هناك إيمان ذهني عقلي مجرد، مثل ما إذا إنسان نظر وحسب فوجد نتيجة الحسابات أنه لا بد من البعث، لكن هذه النتيجة التي توصل إليها عقله لم يستشعرها قلبه، فلم تتحول عنده إلى عقيدة، وإيمان، وخشية، وخوف، بل ظلت قناعة ذهنية مجردة، وكما يقتنع بأي نتيجة رياضية اقتنع بهذا، ولهذا فرَّق الله تعالى بينهما، فمثلاً وصف الله تعالى المؤمنين المصلين في سورة المعارج فقال: {وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ} [المعارج:26] فهذا الأمر مجرد التصديق بأن هناك يوماً اسمه يوم الدين، ثم أعقبه بقوله: {وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ} [المعارج:27-28] فليست القضية مجرد تصديق، بل مع التصديق إشفاق وخوف من عذاب الله تعالى، ومن يوم الدين.

وكلما ازداد الإنسان استعداداً ليوم الدين، زاد خوفاً منه، وكلما قل إعداده واستعداده قلَّ خوفه منه، ولهذا تجد أن المؤمن جمع إحساناً وخوفاً كما قال الحسن البصري -رحمه الله- وأما المنافق فجمع إساءة وأمنا، فتجد الإنسان المفرط يمني نفسه بالمنازل العليا في الجنة، ولا تتحرك في رأسه شعرة من ذكر العذاب، وتجد المؤمن، بل تجد المبشرين بالجنة من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم -ورضي الله عنهم_ تجدهم يخافون أن تحبط أعمالهم.

إذاً: الإيمان بيوم الحساب، والإيمان بالبعث على درجتين: الدرجة الأولى: الإيمان الذهني المجرد، وهذا قد نمثل له ببعض الذين عُرف عنهم الإيمان ولم يؤثر فيهم، مثل أمية بن أبي الصلت فـ أمية بن أبي الصلت كل شعره تخويف من النار، وترغيب في الجنة، ومع ذلك آمن لسانه وكفر قلبه.

الدرجة الثانية من درجات الإيمان بالبعث: أن يتحول هذا الإيمان إلى عقيدة في القلب، وخوف ووجل، وهذا هو الذي يردع وينفع، ويحدو الإنسان إلى العمل الصالح ويردعه عن المعصية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015