غربة أهل السنة بين المسلمين

أما الدرجة الثانية: فهي غربة أهل السنة المتمسكين بها بين المسلمين، فإن المتمسكين بالسنة المتعلمين لها، العاملين بها اعتقاداً وقولاً وعملاً بين الناس قليل، ولذلك قال سفيان الثوري -رحمه الله-: استوصوا بأهل السنة خيراً فإنهم غرباء، وقال أبو بكر بن عياش رحمه الله: إذا سمعت بصاحب سنة في المشرق أو في المغرب فأرسل إليه السلام، ما أقل أهل السنة! بل قال بعضهم: إن غربة أهل السنة بين المسلمين أشد وأعظم من غربة المسلمين بين أمم الأرض من الكافرين، وهذا مصداق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح حيث قال عليه الصلاة والسلام: {إن اليهود افترقوا في دينهم على إحدى وسبعين ملة، وإن النصارى افترقوا في دينهم على ثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة} يعني الأهواء، يقول صلى الله عليه وسلم: {وإنه سيخرج في أمتي أقوام تتجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكَلَب بصاحبه} والكَلَب هو: داء يصيب الإنسان من عض الكلب المصاب، فيسري الداء في عروقه حتى يموت.

{وإنه سيخرج من أمتي أقوام تتجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكَلَب بصاحبه؛ لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله} إذاً فأهل السنة هم الفرقة الناجية من بين ثلاث وسبعين فرقة، وهذا دليل على شدة غربتهم، وقلتهم بين الضالين والمنحرفين، فهذه هي المرتبة الثانية من مراتب الغربة التي أخبر بها المصطفى صلى الله عليه وسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015