الشعور بالكسل في العبادة بعد الجد والنشاط

Q فضيلة الشيخ! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إني أحبك في الله، وأسأل الله أن يظلنا في ظله، يوم لا ظل إلا ظله.

سؤالي هو: عند خروج رمضان، أو عند العودة من أحد المخيمات، بعدها بأيام قلائل، تذهب الروحانية التي كانت تلازمني في ذلك الوقت، فما سبب ذلك؟ وما هو علاج هذه الحالة؟ وجزاكم الله خيراً.

صلى الله عليه وسلم مما لا شك فيه، أن لمجالس الذكر والعبادة والعلم أثرٌ كبيرٌ جداً في تقوية الإيمان، وتحريكه في القلوب، ولذلك يجد الإنسان في حضور هذه المجالس إشراقاً في قلبه، وحركة وارتفاعاً في مستوى إيمانه، وهذا شيء طبيعي، فإذا خرج الإنسان من هذه الأوقات أو الأمكنة أو المجتمعات، شعر بأن مستوى الإيمان قد ضعف عما كان عليه، وقد أدرك أو شعر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بذلك، ففي الحديث الذي رواه مسلم عن حنظلة بن الربيع الأسدي، أنه جاء إلى أبي بكر ٍ رضي الله عنه وأرضاه فقال: {يا أبا بكر نافق حنظلة.

قال: وما ذاك؟ قال: إنا نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم على حال من الإيمان، وقوة اليقين، واستحضار الآخرة، فإذا فارقناه وذهبنا إلى بيوتنا عافسنا الأولاد والأزواج والضيعات، ونسينا كثيراً.

قال أبو بكر: والله إني لأجد مثل ذلك، فذهبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال حنظلة مثلما قال، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنكم لو تدومون على الحال التي تكونون بها عندي في جميع الأوقات؛ لصافحتكم الملائكة على فرشكم، وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة، ساعةً وساعة} .

وهذا الحديث فيه عبرة فهو: أولاً: دعوة إلى كل مسلم، أن يحرص على أن يكثر من حضور مجالس العلم والذكر والعبادة؛ لما فيها من تقوية الإيمان وزيادته.

ثانياً: إن الإنسان لا يمكن أن يبقى على مستوىً واحد، بل لا بد أن يشعر أحياناً بارتفاع، وأحياناً بشيء من الهبوط، ساعةً وساعة، أما الحال التي يطمح إليها حنظلة رضي الله عنه فهي إنما تجدر وتليق بالملائكة، ولذلك نبهه صلى الله عليه وسلم، إلى أنه لو كنتم على هذه الحال في كل أوقاتكم، لصافحتكم الملائكة على فرشكم وطرقكم، والإنسان لم يخلق ليكون ملكاً، وإنما خلق ليكون إنساناً، ولذلك يقول الله عز وجل في كتابه: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات:40-41] .

فالله عز وجل يعلم بحكمته وعلمه وهو الذي خلقنا -أن الإنسان يشتجر في نفسه الهوى، وتتحرك في نفسه الشهوة، ولكن ليس المطلوب ألا يوجد الهوى أبداً، إنما أن ينهى الإنسان نفسه عن الهوى، وهذا هو المستوى الإيماني الذي ينبغي للإنسان أن يجاهد في الوصول إليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015