الإيمان الحق بالقدر

السبب التاسع: الإيمان الحق بالقدر حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وهذا يجعل المؤمن مطمئناً لما يمكن أن ينزل به من المصائب والهموم، فإذا نزل به شيئٌ من ذلك، كان متوقعاً له هادئ النفس غير جزعٍ من ذلك.

هذه جماع الأسباب التي يحصل بها للإنسان السعادة في الدنيا، وكما ذكرت فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد تحقق بهذه الأسباب أعظم تحقق، فحصلت له السعادة من جميع نواحيها، فأنت إذا اقتديت به في ذلك، أدركت من السعادة بقدر كمال الإقتداء.

وليس المقصود السعادة الدنيوية فحسب، بل إن للمؤمن مع سعادة الدنيا سعادة الآخرة، ولذلك يقول الله عز وجل عن المؤمنين: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [يونس:62-64] ويقول سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} ويقول سبحانه: {نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [فصلت:31] ويقول سبحانه: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل:97] .

أيها المسلم: إنك حين ترى الناس من حولك، وهم يركضون وراء المقاصد التي ظنوا فيها السعادة، يجب أن تدرك أن هؤلاء القوم قد أخطئوا طريقها، وأن طريقها أمامك واسعٌ واضحٌ مستقيم، فعليك أن تسلك السبيل الموصل إلى السعادة، حتى تحظى بخيري الدنيا والآخرة.

أسأل الله أن يجعلني وإياكم ممن عاشوا عيشة السعداء، وماتوا ميتة الشهداء، وأصلي وأسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015