البحث عن السعادة

إنك -أيها المسلم- حين تتلفت حولك في هذه الدنيا، فتجد جموعاً غفيرةً من الناس، مختلفةً ألوانهم وأشكالهم وأديانهم وأخلاقهم وأجناسهم، وتجد هذه الجموع الغفيرة كلها تكدح في الحياة كدحاً، وتسعى فيها سعياً حثيثاً.

تقف لتسائل نفسك: عن أي شيء يبحث هؤلاء؟ وماذا يريدون؟ وأي غاية يقصدون؟ تقف لتتأمل فتجد أغراضهم شتى، ومقاصدهم مختلفة متباينة، وهنا تقف لتسأل نفسك سؤالاً آخر: هل توجد غاية أو هدف محدد معين يتفق الناس كلهم، أولهم وآخرهم على البحث عنه والرغبة فيه والحرص على تحصيله؟ هل يوجد هدف معين يتفق عليه هؤلاء الكادحون جميعاً على البحث عنه؟

صلى الله عليه وسلم إنه لا يوجد هدفٌ يسعى الناس جميعاً في تحصيله إلا هدفٌ واحد، وهو السعي لطرد الهموم عن قلوبهم، وتحصيل ما يسمونه: بالسعادة.

أما ما عدا ذلك من الأغراض مهما تكن فإن الناس لا يتفقون على طلبها، فإن من الناس -مثلاً- من لا يسعى في العمل للآخرة وطلب مرضات الله عز وجل؛ لأنه غير مؤمن وغير مسلم وغير مستعدٍ ليوم المعاد، ولا راغبٍ في رضوان الله تعالى، ومثل هذا لا يعمل للآخرة.

وهناك من الناس من لا يرغب في تحصيل العلم، وهم عامة العوام الموجودون في زمانك هذا وفي كل زمان، لا يشعرون بقيمة العلم، ولا يرغبون في تحصيله.

ومن الناس من لا يرغب في المال، وذلك كالرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فإنهم لا رغبة لهم في الأموال، زاهدون فيها معرضون عنها، ومن الناس من لا يرغب في الشهوات الدنيوية المحضة، وهكذا كل مطالب الدنيا التي يركض البشر خلفها، يتفاوتون فيها، فيسعى بعضهم إليها، وبعضهم الآخر لا يسعى إليها، ولا يرغب في تحصيلها، إلا أن هناك مطلباً واحداً يتفق الجميع على أنه مطلب محمود، بل ويسعون إليه بكل ما أوتوا من الوسائل، هذا المطلب هو: الحرص على دفع الهموم والغموم عن قلوبهم، أو بعبارة أخرى: الحرص على تحصيل السعادة.

والسعادة كما يعرفها علماء اللغة هي: أصل يدل على الخير والسرور، وهي: ضد الشقاوة، وخلاف النحس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015