بل إن النظام هناك قد جند الإعلام والصحف والتلفاز والإذاعة والسينما وغيرها، من أجل تشويه صورة المتدينين، واتهامهم بكل نقيصة، ورسم الكاريكاتيرات التي تصورهم بأبشع الصور.
إن الإنسان يعجز أن يتكلم في مثل هذه الأمور، لأنها أصبحت قضايا لا يفيد فيها مجرد الكلام، وأصبح مجرد صفحة واحدة في جريدة يتفطر لها القلب ألماً، فكيف إذا تصورت أن جهازاً إعلامياً متكاملاً مجنداً لتأييد ما تقوم به الدولة، وتشويه صورة المتدينين والملتحين.
لماذا؟ لأنهم يطالبون بحجاب المرأة مثلاً، أو لأنهم يقولون: إن الصورة حرام، أو لأنهم يطالبون بتحكيم شريعة الله عز وجل، أو لأنهم يحاربون الربا، أو لأنهم يعارضون السلام مع اليهود فيما يسمى بدولة إسرائيل، أو لغير ذلك: {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [البروج:9] .
ثم إنهم جندوا أجهزة الدولة كلها لحرب المسلمين، وتأييد تلك الخطوات، ووأد الأصوات المخالفة، فقد قام أساتذة الجامعات باستنكار ما يجري، وقالوا: إنه تدمير لقوة الدولة وللمجتمع وغير ذلك، ولكن هذه الأصوات توأد في مهدها، ولا يسمح لها بالظهور إلا على استحياء وبصورة قليلة، أما الصوت الظاهر الغالب، فهو ذلك الصوت الذي يؤيد ويبارك تلك الخطوات، سواء داخل مصر أو خارجها.
بل إن العالم الغربي المنادي بحقوق الإنسان، يتحدث عن ذلك بكثير من الارتياح والاغتباط.
بل يتكلمون عن طرد أحد رجال الدعوة الإسلامية في مصر، وزعيم لإحدى الجماعات، وهو الدكتور الشيخ عمر عبد الرحمن، وهو رجل كفيف مقيم في أمريكا، لأنه مطرود من مصر أو هارب بالأصح، فيتكلمون عنه أنه سوف يطرد، لأنه يطرح آراءً مناهضة للسياسة الأمريكية.
ماذا أجدت عشرات السنين من حرب الإسلام في مصر وفي غير مصر؟ ماذا أجدت؟ وماذا نفعت؟ إن الإسلام لم يكن أقوى، ولا أرسخ، ولا أعمق، ولا أعظم منه اليوم في مصر، تعاطف من الشعب، وقوة في التوجه الإسلامي، وصدق، وفي مستوى الجامعات والأطباء والمهندسين، وفي جميع الدوائر وعلى كافة المستويات، يوجد ولاء قوي للإسلام.
إن الشباب الذين يودعون في الزنازين والمعتقلات والسجون، إنهم يهتفون للموت، ويرتلون أناشيد الفداء، ليس عبر مكبرات الصوت، لكن داخل السجون وفي ظل ترقب أحكام الإعدام، وقد صدر في حق ثمانية حكم بالإعدام، ولكن محكمة الاستئناف رفضت هذا الحكم.
وهذا يدل على مدى ما وصل إليه القضاء في مصر من التردي، لأننا نعلم أن رفض هذا الحكم لم يكن بالأمر اليسير، لولا أنهم تجاوزوا كل حد، ولم يقفوا عند مستوى معين، فثارت بذلك بذلك بعض المشاعر ورفض هذا الحكم.
إن تدمير طاقات الأمة بهذه الصورة، جريمة لا ينساها التاريخ أبداً، فإن هؤلاء الشباب هم الذين يعمرون البلاد، وهم الذين ينقلون العلم، وهم الذين يدعون إلى الله تعالى، وهم الذين يعرفون في ميادين الجهاد، وهم الذين تقوم عليهم الأمم والشعوب والحضارات، في كل مكان، وكل أمم الدنيا اليوم، يهودها ونصاراها وكفارها، بل وعبدة البقر يهتمون بشبابهم، ويحتفلون بهم، ويوفرون لهم الخدمات، ويحاولون أن يرفعوهم إلى أعلى المستويات.
أما في بلاد الإسلام فيسلط على شباب الإسلام التجهيل، والتضليل، والرياضة، والفن، والمسلسلات، وحفلات الرقص والغناء، لسلخهم من دينهم.
أما الذين يصرون على التمسك بالإسلام، فتُعد لهم الزنازين والسجون والمعتقلات، ومقاصل الإعدام، فلا حول ولا قوة إلا بالله {لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} [آل عمران:197] قال الله تعالى: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ} [الزخرف:56] .
إننا على يقين أن هذه الأمة إذا لم تنتصر لدينها، وتغضب لربها، وتقف في صف دعاة الإسلام، فإنها معرضةٌ لعقاب الله عز وجل.
إننا نتعجب أنه في الوقت الذي يضيق فيه على المؤمنين، يسمح ويمنح النصارى التسهيلات والفرص الوظيفية في مصر وغيرها! ويمكنون من ناصية الاقتصاد، وتقوم أجهزة الأمن بحمايتهم وحراستهم، ويمكن اليهود من العبث باسم السياحة، أوباسم الدراسات والبحوث الميدانية، ويقبض على مجموعات تتجسس لصالح اليهود، فسرعان ما يطلق سراحها.
وأما المتطرفون فيكفي أن يتهموا بأنهم عاشوا في أفغانستان جزءاً من الوقت، أو تدربوا في السودان ليودعوا في السجون والمعتقلات، مع أننا نعلم أن هذه الأشياء هي أكاذيب.