Q محاولة ربط الشباب الحديث غير الصحيح الذي يقول: {اختلاف أمتي رحمة} بموضوع المحاضرة، وكلهم يحاول أن يربط بشكل أو بآخر، والمطلوب تعليق عن هل فعلاً هناك ربط أم أن الموضوعين مختلفان؟
صلى الله عليه وسلم أولاً: حديث {اختلاف أمتي رحمة} كما أشار السائل، ذكر أهل العلم أن هذا الحديث لا أصل له، أي: ليس له إسناد لا صحيح ولا حسن ولا حتى ضعيف، ليس له إسناد مطلقاً، ولذلك بعض أهل العلم قال: لعل له إسناد لكنه ضاع، وأعتقد أنه إن ضاع، لا نستطيع أن نتكلم عنه، بمعنى: أن ضاع الإسناد، ضاع المتن معه، فليس للحديث أصل، هذا من ناحية.
أما من حيث المعنى: فإن الحديث يمكن أن يفهم بأكثر من وجه، له وجه صحيح وله وجه آخر غير صحيح، فأما الوجه الصحيح فهو الاختلاف الذي يمكن أن يعبر عنه بأنه اختلاف تنوع، كون الأمة فيها واحد يهتم بالطب، وآخر مهندس، وثالث عالم شرعي، ورابع أستاذ، وخامس مسئول في مجال وهكذا، اختلاف في الميادين العملية في المجالات التي يخدمون من خلالها، فهذا لا شك أنه رحمة.
وهناك أيضاً اختلاف آخر، لا يمكن أن يوصف بأنه شر وعذاب؛ وهو الاختلاف المبني على أسباب صحيحة، مثل الاختلاف في قضية فقهية بحسب اختلاف الأدلة، فأنا -مثلاً- أقول في المسألة قولاً وأنت تقول قولاً آخر، وكل واحد منا عنده دليل، هذا الخلاف -كما أسلفت- لا بأس به، ولا ينبغي أن نضيق به ذرعاً، وليس شراً كله، بل قد يكون فيه خير وتوسعة على الأمة وتحصيل لمصالح متشابكة.
وأما الاختلاف الذي هو اختلاف تضاد وتطاحن وتناقض، بحيث أن الإنسان يهدم ما يبنيه الآخر؛ فهذا لا شك أنه عذاب، وكذلك الاختلاف في أمور أدلتها واضحة وصحيحة وبينه، فإن هذا الاختلاف شر، وينبغي العمل على تلافيه بقدر ما يمكن.