Q ما رأيك في من يقول: نأخذ بالأحوط خصوصاً في مسائل الخلاف، حتى نصل إلى السلامة ولا نقع فيما وقع فيه بعض الناس الآخرين؟
صلى الله عليه وسلم هذا السؤال يذكرني برأي الدكتور موسى الموسوي الشيعي المعروف صاحب كتاب الشيعة والتصحيح والثورة البائسة، ففي الكتاب الشيعة والتصحيح لاحظ أن الفقهاء الشيعة يبتزون أموال الناس عن طريق الفتيا وغير ذلك، فقال: إنني أرى حلاً لهذه المشكلة حتى لا يحتاج الناس إلى الفقهاء، أن يأخذوا بالأحوط في هذه المسائل حتى لا يحتاجوا إلى فقيه، وأعتقد أن الأخذ بالأحوط يصلح في حالات معينة.
مثلاً: إذا التبس الأمر على الإنسان وما اتضح له الحق وهذا كثير ما يقع للعالم فضلاً عن غيره؛ فيقول: آخذ بالأحوط براءة لديني وهذا جيد وحسن خاصة في أموره الخاصة، أو فيمن له عليهم ولاية، لكن أحياناً يكون الأمر ليس فيه احتياط وأضرب لكم أمثلة على الأمور التي ليس فيها احتياط.
لو فرضنا على سبيل المثال فيما يتعلق بمواقيت الصلاة، صلاة العصر متى يدخل وقتها؟ الجمهور على أن وقت صلاة العصر يدخل إذا صار ظل الشيء مثله، ومتى يخرج الوقت؟ الجمهور أيضاً على أن وقت صلاة العصر يخرج عند اصفرار الشمس، والحنفية يرون أن دخول وقت صلاة العصر مختلف، فالمهم أن هناك خلافاً بحيث أنك أحياناً لو راعيت مذهب أبي حنيفة في الوقت، لكنت مصلياً في غير الوقت عند الجمهور، ولو صليت على مذهب الجمهور لكنت مصلياً في غير الوقت عند أبي حنيفة؛ لأن الوقت خرج فهذه ناحية.
مثال آخر: قضية الحيض، قد تكون المرأة في حالة مشكوك فيها، هل هي حيض أم استحاضة؟! فهنا لا مجال للاحتياط؛ لأنه إن صلت المرأة وقلت لها: صلي، فقد تكون أمرتها بالصلاة وهي حائض وصلاة الحائض لا تجوز، وإن قلت: دعي الصلاة، فقد تكون أمرتها بترك الصلاة وهي طاهر، فتكون تركت الصلاة.
إذاً هنا لا يوجد احتياط؛ لا بد من الحسم في المسألة، إما هنا أو هنا.
كذلك: أحياناً الاحتياط يكون في مشقة؛ لأنه إذا كانت المسألة اختيارية بحتة فهو أمر سهل، لكن -أحياناً- قضية يترتب عليها آثار عملية صعبة -أي في مشقة عليه في هذا الأمر- أنا لن أتركه إلا إذا كان ممنوعاً؛ فالاحتياط يلجأ إليه الإنسان في حالة الاشتباه أو الالتباس كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام: {فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه} .