Q ماذا تقول في رجل يعد قدوةً للشباب، ويقول: إن الذي يقصر ثوبه إلى منتصف الساقين يكون لباسه لباس شهرة؟
صلى الله عليه وسلم في الواقع أن ما يتعلق بتقصير الثوب إلى منتصف الساقين أمر ورد به أحاديث في السنة، وورد من فعل بعض الصحابة، ومن فعله لا يمكن أن يلام على هذا الأمر أو يَثَّربَ عليه؛ لأن من فعل سنة واردة فليس لنا حق أن نلومه، لكن إن كان يسأل عما نعتقد أنه أحسن في هذه الظروف فقط، فهو ألا يقصر الإنسان ثوبه تقصيراً يلفت إليه النظر، بل عليه أن يكون ثوبه فوق الكعبين، ولا يكون مرتفعاً ارتفاعاً يلفت إليه النظر، ويكون مدعاةً إلى أن يقع الناس في عرضه، ويرفضوا ما لديه من الخير والدعوة؛ لأنه داعية يريد أن يدعو الناس إلى صلاة الجماعة، وتربية الأولاد، ترك الربا وترك الحرام وإلى تجنب آلات الملاهي، له أغراض كثيرة مع الناس، فإذا تمسك بهذه السنة حرم الناس من خير كثير، نقول: ترك الأولى تحصيلاً لأمور ومصالح عظيمة قد يكون هو الأفضل، وهذا أمر يدرك بالعقل والحساب، خاصةً أننا نجد في السنن أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم ثابتة وصحيحة، تدل على أن تقصير الثوب إلى ما فوق منتصف الساقين لم يكن أمراً مطرداً موجوداً بين الصحابة في جميع الظروف.
أرأيت ما في الصحيحين {أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كسفت الشمس، خرج فزعاً يجر إزاره يخشى أن تكون الساعة} لو كان إزار النبي صلى الله عليه وسلم فوق منتصف الساق؛ لما كان يعقل أن ينزل إلى حد أن يجره من العجلة، كذلك حديث أبي بكر في البخاري {لما قال: يا رسول الله! إن أحد شقي إزاري يسترخي -أي ينزل دون الكعب- إلا أن أتعاهده، فقال: لست ممن يصنعه خيلاء} لا يعقل أن يكون إزار أبي بكر فوق منتصف الساق، ثم ينزل بالاسترخاء إلى أن يكون دون الكعبين.
لكن هذه الأشياء لا تمنع من القول بأن رفع الإزار إلى ما فوق منتصف الساق سنة، لا تمنع من أن نقرر أن هذا سنة حسب ما يظهر لي الآن، ولا مانع أن يترك الإنسان الأولى إلى أمر مباح وجائز بلا خلاف، وهو أن يرسل ثوبه فوق الكعبين لتحصيل مصالح كبيرة لا تخفى على إنسان يعيش في هذا العصر.