بعض الإخوة من الشباب يقولون: نحن لا نريد أن نكون منافقين وهذا صحيح، ونحن نوافقهم ونؤيدهم على أن المنافقين في الدرك الأسفل من النار، وأن المنافق أكفر من الكافر وأكفر من اليهودي أو النصراني، لكن كيف يكونون من المنافقين؟ بعضهم يقول: ليس صحيحاً أن أجلس اليوم على مدرجات الكرة، ومعي الطبل في حجري، وأستمع الغناء وأفعل الحرام، ثم غداً تجدني أصلي في المسجد، أو أجلس في حلقة، أو أقف مع شباب طيبين، هذا نوع من النفاق.
هكذا يتصور بعض الشباب، وهذا خطأ كبير، بل هي ضحكة من إبليس على أولئك الإخوة، فإن العكس هو الصحيح.
الله عز وجل يقول: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود:114] وكان الأولى بك أن تدعو نفسك إلى ترك المعصية حتى تكون مستقيماً منسجماً، وتكون حياتك كلها براً وصلاحاً واستقامة وصحبة للأخيار وحضوراً للمساجد، لكن إذا عجزت عن ذلك، فإنه يجب عليك أن تصر على فعل الخير، رجاء أن يوفقك الله إلى التوبة.
فإذا ترك الإنسان الطاعة، ترك الصلاة -مثلاً- وترك صحبة الأخيار، وترك حلقة العلم وحضور المحاضرة ودرس القرآن، بحجة أنه يقول: أنا مقيم على معاصي، لو علم بها هؤلاء الشباب الذين إلى جواري؛ لتركوني وبصقوا في وجهي، وأعرضوا عني وركلوني بأقدامهم، فإن الإنسان حينئذٍ يكون قد اختار لنفسه والعياذ بالله -طريق النار، ما هو طريق النار؟ هو ترك الطاعة والإقبال على المعصية، هذا هو طريق النار فالمعاصي الصغيرة قد تجتمع على الرجل العظيم حتى ترديه نار جهنم.
إن مجرد صحبتك للأخيار، وجلوسك معهم وحبك لهم، قد تكون سبباً في شمول الرحمة، وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أنه {اجتمع قوم في مجلس يذكرون الله عز وجل، فصعدت بعض الملائكة إلى الله عز وجل، فقال: كيف تركتم عبادي؟ قالوا: تركناهم يذكرونك ويسبحونك ويحمدونك ويسألونك فقال الله عز وجل، ماذا يسألوني؟ قالوا: يسألونك الجنة ويستعيذون بك من النار، فقال الله عز وجل: أشهدكم أني قد غفرت لهم، قالوا: يا رب إن فيهم فلاناً ليس منهم وإنما جاء لحاجة -رجل في الواقع ليس منهم، ولا من عادته أن يحضر معهم، لكن أدركته حاجته، كان يريد شخصاً فجلس ينتظر قيامه حتى يخرج معه- فقال الله عز وجل: هم القوم لا يشقى بهم جليسهم} .
وهكذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله.
فجلوسك مع الطيبين سبب في نزول الرحمة، وتشملك الرحمة وعند حلقات ذكر الطيبين، تنزل الرحمة.