يا أخي الحبيب ما الذي يمنعك من الالتزام الكامل بدين الله عز وجل وشرعه؟!! أنت -مثلاً- تريد أن تكون جميل الثياب، جميل السيارة جميل المظهر نظيفاً، فهل تعتقد أن التزامك بالإسلام يمنعك من ذلك؟ كلا! فالله جميل يحب الجمال! كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحدهم يحب أن يكون ثوبه حسناً نظيفاً ويحب أن يكون نعله حسنةً جميلة، وقد سألوا رسول لله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فوافقهم عليه وأقرهم، وفي سنن أبي داود وغيره، عن جابر رضي الله عنه قال: {أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأى رجلاً أشعث، قد تفرق شعره -شعره فيه تفرق وشعث- لم يسرح شعره منذ أيام وما أصابه دهن منذ أيام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما كان هذا يجد ما يسكن به شعره؟! أي: ما كان يجد دهناً أو غيره يسرح به شعره؟ قال: ورأى رجلاً آخر، عليه ثوب وسخة، فقال صلى الله عليه وسلم: أما كان هذا يجد ماءً يغسل به ثوبه؟} .
والنظافة لا تحتاج إلى كبير جهد، غسل الثوب، وتسريح الشعر، وإصلاح النعل، ونظافة السيارة، هذه لا تحتاج إلى كبير جهد، وليس معنى هذا أن الإنسان يصرف أربع ساعات أو خمس ساعات في اليوم والليلة على تسريح الشعر أمام المرآة، وعلى تصفيفه أو تسريحات غربية في أماكن الحلاقة وغيرها كلا؛ وليس مطلوب من الإنسان أن يشتغل طول وقته بثيابه، وكيها وغسلها وتلوينها وتنويعها، كلا؛ وإنما المطلوب قدر معتدل من النظافة، يكون به الإنسان حسناً جميلاً بين الناس، دون أن يفضي به ذلك إلى إسراف أو غلو أو إهدار وقت فيما لا فائدة فيه.
عن أبي الأحوص رضي الله عنه، قال: {أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في ثوب غير جميل -ثوب متسخ أو قديم- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألك مال؟ قال: نعم، قال: من أي المال؟ قلت: من كل المال آتاني الله عز وجل! من الإبل، والغنم، والخيل، والرقيق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فإذا آتاك الله مالاً فلير أثر نعمته عليك.
وفي لفظ: إن الله تعالى يحب إن يرى أثر نعمته على عبده} .
ولذلك ابن عباس رضي الله عنه لما ذهب إلى مخاصمة الخوارج ومناظرتهم ومجادلتهم قال: [[لبست أحسن ما يكون من حلل اليمن -كان عنده ثوباً ثميناً غالي الثمن، من حلل اليمن فلبسه رضي الله عنه وأرضاه- وكان ضخماً جهوري الصوت، فجاء إليهم، فقالوا له: مرحباً بك يا ابن عباس، ما هذه الحلة؟ قال: ما تعيبون عليّ، لقد رأيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن ما يكون من الحلل]] فنحن لا نعترض عليك -أخي الحبيب- في لباسك، ولا في حذائك ولا في سيارتك، ولا في مظهرك، مادام في حدود المباح، هل لبست ثوباً من حرير؟ لا.
لم تلبس من حرير، وكيف تلبسه والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة} ويقول عليه الصلاة والسلام، وقد خرج ومعه قطعة من حرير، وقطعة من ذهب: {هذان حلال لإناث أمتي حرام على ذكورها} هل لبست ثياباً شفافة لا تستر؟ وليس تحتها ما يستر؟ كلا لم تفعل ذلك، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: {احفظ عورتك إلا من نفسك أو ما ملكت يمينك} والله تعالى يقول: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف:31] هل لبست ثوباً صنع لغيرك؟ كلا؛ وأنى لمثلك -ممن من الله عليهم بالرجولة- أنى لمثلك أن يلبس ثوباً صنع لغيره، سواء صنع لكافرٍٍ أو صنع لجنس آخر هل خرجت إلى حد البذخ والإسراف في لباسك؟ كلا.
إذاً فكل والبس واركب وتصدق، في غير إسراف ولا مخيلة.