وبعد أن نقول: إن تلك المقدمة التي قد تكون طالت بعض الوقت أردت منها أن تكون تمهيداً إلى الحديث عن موضوع: العائدون إلى الله، ومن هذا المنطلق خصصت الحديث عن ظاهرة طيبة في المجتمع يلمسها الجميع، وهي اتجاه كثير من الناس -وخاصة الشباب ذكوراً كانوا أم إناثاً- إلى الخير وسلوكهم طريق الإسلام، وعودتهم إلى الله عز وجل تائبين نادمين.
ومن العجيب أنني بعد أن اتفقت مع الإخوة على عنوان هذه المحاضرة وموضوعها، سمعت بدون قصد عدداً طيباً من الأخبار التي تصب في هذا الوادي، وهذا يدل على أن التوجه إلى الإسلام، وأن الأحداث الفردية التي نسمعها يوماً بعد يوم، تدل على أن الله عز وجل قد أراد بهذه الأمة خيراً.
وهذه الظاهرة يشتغل الكثير من الناس بتحليلها وبيان أسبابها، وقد أصدرت إحدى المجلات التي تصدر في الكويت عدداً خاصاً تحدثت فيه عن ظاهرة التدين بين الشباب، وما يسمونه أيضاً بالتطرف ويقصدون به الغلو في الدين، واستقطبت فيه عدداً من المختصين وغير المختصين ممن يحسنون الحديث في هذه الموضوعات، وممن ليسوا على نفس المستوى وليسوا بنفس الدرجة، وأشغل بعض هؤلاء أنفسهم بدراسة هذه الظاهرة وتحليلها.
وأقول: إنني لست أنكر أن كل شيء له سبب، ومن ذلك التوجه إلى الخير له سبب، ولكني أقول: إن ظاهرة الاتجاه إلى الخير والعودة إلى الله ليست ظاهرة غريبة حتى نحتاج إلى تعليلها وتفسيرها، بل هي ظاهرة طبيعية وخلافها هو الوضع الشاذ، وهو الوضع الغريب، فنحن يجب أن نشتغل بالحديث عن أسباب الفساد، ولم انحراف الشباب عن الإسلام، وكيف يعودون إليه.
أما أن نشتغل بالحديث لماذا عادوا إلى الإسلام، فهذا ليس فيه كبير طائل في كثير من الأحيان -وليس في كل الأحيان- لأنه هو الوضع الطبيعي الذي ننتظره، والذي يجب أن يكون عليه الجميع.