الركن الثاني: فهو الشهادة للنبي صلى الله عليه وسلم.
أولاً: بأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤيد بالوحي من السماء، ينزل عليه جبريل بخبر السماء بكرة وعشياً.
ثانياً: أنه خاتم النبيين لا نبي بعده {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب:40] .
ثالثاً: تصديق النبي صلى الله عليه وسلم في أخباره، سواء ما أخبر به عن الأمم السابقة، أو ما يخبر به عن المستقبل في الدنيا أو في الآخرة، فإن خبره صدق، لأنه من خبر الله ومن كلمة الله (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً) [الأنعام:115] {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم:3-4] .
رابعاً: طاعة النبي صلى الله عليه وسلم، واتباع أوامره، واجتناب نواهيه، فإن هذا هو المحك الحقيقي للإيمان به ومحبته.
خامساً: محبته صلى الله عليه وسلم محبةً بحيث يؤثره على نفسه وأهله وولده، وأمه وأبيه، وزوجته، وكل حبيب لديه، ومحبة ما أحبه الرسول صلى الله عليه وسلم، محبةً تنبعث من شغاف القلب، فلا يذكر صلى الله عليه وسلم، إلا وسارع بالصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وآله وسلم، وطربت نفسه لذلك شوقاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم وارتياحاً لذكره وهي تحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد من محبتها لقرابتها، بل لنفسها، وكما عبر عن ذلك الشاعر دعبل الخزاعي في قصيدته الشهيرة، التي لا تصلح إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
أحب قصي الرحم من أجل حبكم وأهجر فيكم أسرتي وبناتي وأكتم حبكم مخافة كاشحٍ عنيدٍ لأهل الحق غير مواتي لآل رسول الله بالخيف من منى وبالركن والتعريف والجمراتِ مدارس آياتٍ خلت من تلاوةٍ ومنزل وحيٍ مقفر العرصاتِ ديار علي والحسين وجعفر وحمزة والسجاد ذي الثفناتِ همو أهل ميراث النبي إذا اعتزوا وهم خير قاداتٍ وخير حماةِ فلا بد من محبة الرسول صلى الله عليه وسلم وإيثاره على كل حبيب من البشر، فإن ذلك كله من شهادة أن محمداً رسول الله، وكيف لا نحبه وهو الذي أنقذنا الله به من الضلال إلى الهدى، ومن النار إلى الجنة {وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا} [آل عمران:103] فهو أحق البشر بالمحبة والدعاء، والتعظيم والتكريم، وأن نُفدِّيه بأنفسنا وأرواحنا، وآبائنا وأمهاتنا، ونقول أعظم مما قال أبو طالب، ولو رآنا أبو طالب لعلم أنّا أحق بقوله: كذبتم وبيت الله نُبزَى محمداً ولما نطاعن دونه ونناضل ونُسْلِمَهُ حتى نصرَّع دونه ونذهل عن أبنائنا والحلائل