كذلك برزت الأمراض والآفات التي تخشى على طالب العلم فأصبح التنافس في مجالات العلم على أشده تنافساً غير شريف، لأنه لو كان تنافساً في مجال تحصيل العلم فلا بأس، لكن قد يأخذ التنافس في هذا العصر صورة أن يأتي طالب علم أو محقق إلى كتاب اشتغل به غيره، وتعب في تحقيقه ومقارنة نسخه وضبط نصوصه وتخريج أحاديثه، فيسرق جهد غيره ويطبعه باسمه، دون مراعاة خوف من الله ولا حياء من الناس، وفي كثير من الأحيان تجد في المكتبة عدداً من الكتب والمحققون لها عدد، أي أن كل طبعة لها محقق يختلف عن الآخر، وحين تقارن الهوامش تجدها متطابقة! وأضرب لكم مثالين بأسماء الكتب فقط دون الحديث عمن حقوقها: الكتاب الأول كتاب غياث الأمم في التياث الظلم للإمام الجويني، والكتاب الثاني هو كتاب تحريم النرد والشطرنج والملاهي للآجري.
وكذلك برز الحسد بين طلاب العلم أو بعضهم بسبب التنافس الدنيوي، فأصبحت تجد الطالب يقع في غيره بل قد يقع في شيوخ لهم قدم صدق ومكانة وثقة، وكم من كتاب صدر في النيل من علماء أجلاء أطبقت الأمة على تقديرهم، ولعله لا يغيب عن الأذهان مثلاً ما يلقاه الشيخ الألباني من هجوم ذريع من عدد من الكتاب وطلاب العلم، بل وربما من العلماء أو من بعض العلماء، ولا يبعد أبداً أن يكون الحسد هو أحد الدوافع في كثير من الأحيان، إضافة إلى العجب والغرور والزهو والخيلاء بما عند الإنسان وفرحه بما أوتي من العلم، كل هذا بسبب غياب الفهم السلفي للعلم الذي يعتبر أن العلم هو التقوى والخشية والورع والعمل.