العلاج: وإن كنت أود أن أقول: في الأسبوع القادم -إن شاء الله تعالى- سوف أتحدث بعنوان طالما وعدت الإخوة به، وماطلت وسوفت، وطلبوه وطلبوه حتى ملوا وسئموا وتركوا الأمر، وهو سيكون نهاية الحديث مع إخواني من الشباب في الأسبوع القادم بإذن الله تعالى، وتحت عنوان: مصارع العشاق.
لكن لا بأس أن أعرض الآن بسرعة ما دمت عرضت موضوع العشق، أن أشير إلى بعض ألوان العلاج باختصار: أولاً: غض البصر وحفظ الجوارح، الأذن وغيرها.
قال الله تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} [الإسراء:36] وكل هذه الجوارح هي عبارة عن سواقٍ وأنهار تصب في القلب، فما تراه بعينك أو تسمعه بأذنك أو حتى تتكلم به في لسانك؛ فإنه يظهر أثره في القلب.
ثانياً: البعد عن مواطن الشبهة والشهوة والإثارة، وتجنب ذلك ما أمكن.
ثالثاً: الفرار إلى الله تعالى واللجوء إليه، فإنه كما قال الله تعالى: {وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ} [التوبة:118] وقال تعالى: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} [الذاريات:50] .
رابعاً: الزواج للجنسين الذكر والأنثى، فإنه هو السبيل الشرعي لتفريغ هذه الشهوة والغريزة والعاطفة، بطريقة شرعية مباحة، تبني ولا تهدم وتعمر ولا تدمر.
خامساً: شغل النفس بالأمور الشرعية، من طاعة الله تعالى، والصلاة، وطلب العلم، وقراءة القرآن وحفظه ومذاكرته، أو على أقل تقدير بالأمور المباحة التي تملأ العقل والقلب والوقت، كأن يشتغل الإنسان بالتجارة -مثلاً- أو الزراعة أو الدراسة أو الرياضة المباحة، أو ما أشبه ذلك مما لا يضر وربما ينفع.
سادساً: استعمال العقل واستخدامه، فإن الله تعالى وهبك العقل حتى تميز به بين النافع والضار، والعقل بإذن الله تعالى يعصم الإنسان عن الشهوات وعن الشبهات، ففيما يتعلق بالشبهة يستطيع أن يصل إلى الحق بإذن الله تعالى متى صدق الله، وفيما يتعلق بالشهوة فإنه لو فكر في عواقبها لتركها، لو فكر في عواقب الشهوة، كم تورث من الحزن الطويل، وكم تورث من المرض، وكم تورث من القلق والتوتر، وكم تسبب من الأمراض النفسية، وكم تجني على العبد، وكم لها من الآثار والأضرار والعواقب الأخروية، التي منها: أن يكوى هذا الجسد الذي تلذذ بلذة محرمة في الدنيا، أن يكوى بالعذاب في الدار الآخرة جزاءً وفاقاً.
ثم لو أنه أعمل عقله في حال معشوقه أياً كان ولداً أو بنتاً، ثم تذكر هذا الجسد الذي عشقه أنه جسد بشري، فيه نقائص البشر وعيوب البشر، ما قيمة أن يزين الإنسان ظاهره بالثوب الجميل المكوي، واللباس والهندام، والشعر المسرح المصبوغ، وغير ذلك، وألوان الطيب والزينة والجمال الظاهر، لكن هناك عيوب فطرية خلقية لا سبيل إلى دفعها بحال من الأحوال، فلا تغتر بلحظة تزين، وتذكر العيوب المختلفة الموجودة في هذا الإنسان.
ثم تذكر حال هذا الإنسان وبشريته، هذا العرق الذي يخرج ويؤثر فيه، الإفرازات التي تخرج منه من أنفه ومن فمه، الفضلات التي مجرد سماعها أو تذكرها يثير الاشمئزاز.
إن هذه الأشياء كلها عيوب جعلها الله تعالى في الإنسان؛ حتى يعتدل الناس في نظرة بعضهم إلى بعض، كما أن الله تعالى أقام الحجة على الناس بالنسبة للمسيح الدجال، لما ادعى الألوهية جعل الله فيه نقصاً فطرياً وهو أن إحدى عينيه طافية فهو أعور، حتى يعلم الناس أن هذه الدعوى العريضة التي يقولها؛ منقوضة بالصورة الحقيقية التي يشهدها.
سابعاً: من الأشياء ومن العلاجات: تذكر الموت.
فإنه يقطع كل لذة، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أحمد وأصحاب السنن، وهو حديث صحيح: {أكثروا من ذكر هادم اللذات} أي: قاطعها، فإن الموت كما قال عمر بن عبد العزيز [[: ما ذكرته في سعة إلا ضيقها عليك، ولا في ضيق إلا وسعه عليك]] .
ثامناً: تذكر الدار الآخرة والعقاب الذي جعله الله تعالى للعصاة والمفسدين قال الله: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} [الانفطار:17-19] وقال تعالى: {يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلىً عَنْ مَوْلىً شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ} [الدخان:41] هذا يوم القيامة.