بذل النصيحة والمشورة

ومن الإحسان أيضاً إلى الناس: بذل المستطاع من جاه أو مال أو مشورة أو نصيحة في دين أو دنيا، فيكون الداعية إلى الله تعالى أو طالب العلم أو الشاب المتدين أول المسارعين إلى البذل والعطاء والكرم والجود بكل ما يملك من مال أو جاه أو شيء يستطيعه أو رأي؛ حتى يعلم الناس أن الدنيا ليست من مطامعه ولا من مطامحه، ولسان حاله يقول: قلبي خليٌّ عن الدنيا ومُطَّلبَي ربي فليس سراب العيش من أربي وأقل درجات الإحسان على كل حال؛ هو كف الأذى عن الناس بالقول أو الفعل أو المزاح.

فمثلاً تراعي ألا تخدش مشاعر الناس بقسوة العبارة، وأنت تستطيع ليونة العبارة، وتراعي أن تبتسم في وجوه الناس، فتبسمك في وجه أخيك صدقة، وتراعي ألا توقف سيارتك بحيث تؤذيهم، وقد اشتكى إلى بعض الإخوة من بعض الإخوة الذين يأتون إلى هذا الدرس أنهم قد يوقفون سيارتهم بطريقة تمنع الآخرين الذين جاءوا للتسوق من الانصراف، وتحملهم بعض الأذى أو تشق عليهم، وتسمح للناس بالتجاوز في الطريق سواء كانوا رجالاً على أقدامهم أو ركباناً على سيارتهم، ولا تعتبر أن من الشجاعة أو الشطارة أن تسرع بسيارتك بألا يتجاوز أحد أمامك، لا ترمِ القمامة في مكان غير ملائم يكون مؤذياً لك أو لغيرك، لا توقف سيارتك أمام باب الجيران أو غيرهم من الناس.

وهكذا مئات من الأمثلة بل ألوف من أمثلة السلوكيات التي لو تفطن لها الإنسان لأدرك عظيم خطرها لموقف الناس من الدعاة، وأدرك أنه في كل خطوة أو تصرف -حتى لو كان في نظرنا تافهاً- فإنه يستطيع أن ينفع أو يضر من خلال هذا التصرف.

قد يقول قائل: كون الواحد يشرب البيبسى ثم يلقى به من نافذة السيارة ماذا يضر؟ وهل يستحق هذا أن تتكلم عنه في محاضرة؟ فأقول: إن مثل هذا التصرف هو عبارة عن نقطة من سيل! إذا كثرت مثل هذه التصرفات مع نوعية معينة من الناس أحدثت عند الآخرين تصوراً، مع أن القضية ليست هذه القضية الجزئية البسيطة، لكنها قضية آلاف الأمثلة التي هي في مجموعها تشكل الحياة، ونحن نتكلم عن صناعة الحياة.

فكن يا أخي الحبيب من صناع الحياة الذين يتقنون الوصول إلى قلوب الناس بكافة الوسائل! بل بالأمور البسيطة اليسيرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015