انظر هذا الفقه الدقيق من هذه المرأة، إن فقد الرسول صلى الله عليه وسلم أمر ليس بالهين على أناس قد عايشوه مدة طويلة وحل منهم محل الروح من الجسد صلى الله عليه وسلم، وأحبوه أشد ما يكون الحب وأذكاه، ولما مات صلى الله عليه وسلم أنكروا أنفسهم حتى أظلم كل شيء في المدينة، وحتى كانوا كالغنم المطيرة، وبلغ التأثر بهم مبلغه، مع كل هذا تقول: إنني لم أبك فقط لفقد الرسول صلى الله عليه وسلم لأنني أعلم أنه انتقل إلى خير مما كان فيه، ولكنني أبكي انقطاع الوحي من السماء! إنها تدرك أن الوحي هو الطريق الوحيد لمعرفة دين الله، وشرعه، وأن السماء لن تفتح أبوابها أبداً.
هذه أيها الإخوة والأخوات ثلاثة جوانب: الجانب الأول: جانب قوة المرأة وصبرها وتحملها لما تلقى في سبيل الله.
والجانب الثاني: إن المرأة مع ذلك، ومع اشتغالها بشئون دينها ودعوتها، فإن هذا لم يصرفها عن القيام بأعمالها الطبيعية التي كلفت بها.
والجانب الثالث: أن هذا وذاك لم يصرفاها عن السعي في طلب العلم وجمعه وتحصيله.
أسأل الله عز وجل أن يصلحنا جميعاً رجالاً ونساءً وأن يحمينا من كيد أعدائنا، وأن يبصرنا بمواطن الضعف في أنفسنا.
وأصلي وأسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.