العلماء ودفع ظلم الحكام عن الناس

ولقد كان العلماء عبر العصور وعبر التاريخ يقاومون الحكام الجائرين النهابين وما يطرحونه على الناس ويفرضونه من العشور والضرائب والإتاوات وغيرها، ويجاهدون لتنفيذ شريعة العدل بين المسلمين، ويعتبرون هذا جزءاً من واجب المجاهدة التي ألقاها الله تعالى على عواتقهم، وهذا مع أنه جزء من الدين -فإن الدين جاء بتحقيق بالعدل- إلا أنه مع ذلك سبب لقبول الناس للحق ومحبتهم للعلماء.

فإذا رأى الناس أن العلماء قد أفلحوا في تخفيف الرسوم والتكاليف التي أثقلت ظهورهم، وأنهم دافعوا عن حقوقهم، وأنهم وقفوا في وجوه ظالميهم؛ عرفوا أنهم لا يريدون بالناس إلا الخير، ولا يريدون إلا المصلحة العامة للآخرين.

حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول -كما في صحيح البخاري- يقول: {أبغوني ضعفاءكم؛ فهل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم، بدعائهم واستغفارهم} فلا تزدر أو تحتقر عملاً تقدمه لضعيف أو فقير أو مسكين أو مظلوم، أو حتى لإنسان ضعيف العقل أو إنسان ضعيف البنية أو لشخص لا يوجد من يدافع عنه؛ فإن الله تعالى يحب العبد الذي ينصر أخاه المسلم بالحق لا بالباطل.

والضعفاء والفقراء عادة أصفى فطرة وأسلم قلباً وأبعد عن الأبهة والخيلاء التي عادة ما تكون في الكبراء والمترفين والأثرياء.

ولهذا وصف الله نبيه صلى الله عليه وسلم لشدة حرصه على مصالح الناس الدينية والدنيوية بقوله: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:128] .

فالأمر الذي يشق على الناس يشق على النبي صلى الله عليه وسلم وآله وسلم حتى في أمور دنياهم، وهكذا ورثة النبي صلى الله عليه وسلم من العلماء والدعاة، وما مواقف شيخ الإسلام ابن تيمية أو سلطان العلماء العز بن عبد السلام -في الدفاع عن مصالح الناس وحقوقهم- منا ببعيد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015