وأنا أرى أن أمامنا الآن قضية واضحة جداً، ليس المهم الآن هو الافتراض المثالي، المهم هو الواقع المشهود المستمر، وأعطيك مثالاً: لو عرض الإسلام بتجرد ووضوح ونقاء، وفصاحة وبلاغة، وأسلوبٍ ناجح وناضج وقوي للعالم كله، أليس من المتوقع أن يسلم أكثر الناس؟ بلى.
ولا تعني هذه الفرضية أنهم أصبحوا بمجرد هذا الافتراض مسلمين، فالتاريخ كله تاريخ الحرب مع الكفار، والواقع اليوم وأمس هو واقع التوتر الدائم الذي يتوجس فيه كل من الآخر، والقضية لا تعدو أن تكون -في الغالب- نوعاً من المخادعة أو كسب الوقت -كما يقال- في نظر الطرف الآخر.
فإذا قال بعض الغربيين مثلاً: موقفنا من الإسلام موقف تسامح، فهو يقصد بذلك كسب الوقت.
وإذا قال بعض المسلمين -في الغالب-: إن الإسلام لا يبغض الغرب ولا يكرهه، وإنما يسالمه ويهادنه، فالواقع أنهم يعرفون في قرارات أنفسهم أن الإسلام له موقف آخر لو كان يملك القوة التي يواجه بها الغرب، والله عز وجل يقول: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة:254] فالكفر قرين الظلم، ويقول سبحانه: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان:13] .
فطبيعة الكافر في الأعم الأغلب أنه فاسد التصور، مختل التفكير، ومنحرف العقل، وهامد الإحساس والقلب، فتصوراته ومشاعره غير سوية، وقد يحتج بعض الإخوة بحالات، فيتحدث عن مسلمين يسلمون في أمريكا أو بريطانيا أو غيرها هنا وهناك، خاصةً من النساء في الغالب، وهذه تظل حالات محدودة، وأعتقد أنه من البعيد جداً تصور أن تتحول تلك الدول إلى دول إسلامية والله تعالى أعلم.
وحينما تحس تلك الدول بأن الدعوة الإسلامية خطرٌ عليها؛ فسوف يضعون العراقيل والقيود في طريقها، وسيحاربونها علانيةً وبدون مواربة، وسيتخلون عن الديمقراطية والمؤسسات الليبرالية، كما يحارب المشرق والمغرب العربي الإسلام علانية.