Q أرجو التعريف بالتفاسير التالية: في ظلال القرآن، تفسير المنار، صفوة الآثار والتفاسير والمفاهيم؟
صلى الله عليه وسلم التفاسير كثيرة جداً، قديماً وحديثاً، وأذكر أن شيخ الإسلام ابن تيمية له رسالة مفيدة في التفسير عنوانها (مقدمة في أصول التفسير) أنصحكم بالرجوع إليها، فإنه من خلال هذه المقدمة عمل تقييماً -كما يقال موجزاً- لبعض الكتب المشهورة كالكشاف، وتفسير ابن عطية، وتفسير الطبري، وتفسير البغوي، وتفسير الثعالبي، وغيرها من التفاسير، تكلم عنها وإن كانت كلمات مختصرة، لكن كلام ابن تيمية رحمة الله عليه ثمين ونفيس.
أما بالنسبة لكتاب في ظلال القرآن فإنه تفسير معاصر للأستاذ سيد قطب رحمه الله، والكتاب فيه فوائد عظيمة جداً ومزايا، من أبرزها وأعظمها أسلوبه الفذ؛ فإن الرجل أديب بارع، ذو أسلوب قوي أخاذ، ولذلك تجد في كتابه من القوة والبلاغة والجودة والتأثير ما لا تجده في كثير من الكتب الأخرى.
الميزة الثانية أن الرجل كتب تفسيره ليس فقط بعقله، ولكن بعقله وقلبه، بعاطفة حية، فأنت تشعر وأنت تقرأ هذا الكتاب أن الرجل يتكلم بصدق، هذا الذي نحسبه والله تعالى حسيبه ولا نزكي على الله أحداً، تحس بأنه يكتب بقلبه وبعواطفه، وفعلاً له وقفات مع بعض الآيات يطول العجب منها، ارجع إلى تفسير قوله تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} [فاطر:2] تجد العجب العجاب، ارجع إلى تفسير قوله تعالى: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الحجرات:17] تجد العجب في مواضع كثيرة.
الميزة الثالثة: أن الرجل قتل، ونرجو أن يكون شهيداً في سبيل الله تعالى، فزكى ما كتب بدمه، وهو الذي كان يقول: إن كلماتنا وأفكارنا تظل جثثاً هامدة، حتى إذا متنا في سبيلها وغذيناها بالدماء انتعشت وعاشت بين الأحياء، وفي لفظ يقول: إن كلماتنا تظل عرائس من الشمع حتى إذا متنا في سبيلها أصبحت حية وعاشت بين الأحياء هذه مميزات الكتاب.
وعلى الكتاب بعض المآخذ، لعل أهم مأخذ أنبه إليه أنه فيما يتعلق بالتصور الاعتقادي، الجوانب الاعتقادية التفصيلية في أسماء الله وصفاته وأمور الآخرة، ولا ينبغي أن تؤخذ من هذا الكتاب، بل تؤخذ من المصادر المعتمدة، أولاً كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وتفسير الطبري وهو من أئمة أهل السنة والجماعة، كذلك تفسير ابن كثير فهو من أهل السنة الجماعة، وكتب شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم وغيرهم، وفي الكتاب ثغرات أخرى لا أرى داعي الإطالة فيها.
أما تفسير المنار فهو للشيخ محمد عبده ومحمد رشيد رضا، وهو تفسير عصري، فيه فوائد اجتماعية في سنن الله عز وجل في الكون والمجتمع، وربط الإسلام بواقع الناس اليوم، ومكتشفات حديثة، والكلام عن بعض القضايا، وفيها نظرات ولمحات عقلية نافعة ونفيسة، ولكن فيه أشياء كثيرة جداً ينبغي الحذر منها، منها أنهم يغلبون النزعة العقلية في فهم كتاب الله تعالى، ولذلك جاءوا بآراء قد تكون غريبة فيها مخالفة لما عليه الجماعة، فينبغي الانتباه منه، فلا أرى أن يقرأ في تفسير المنار إلا إنسان متمكن.
أما صفوة الآثار فهو للشيخ عبد الرحمن الدوسري رحمه الله ورحمنا وإياهم أجمعين، وقد صدرت منه أجزاء، وهو كتاب طيب نافع وجامع، ومؤلفة قد تعب فيه وكان رحمه الله كثيراً ما يشيد به، ويعد بإخراجه، حتى إنه مرة سئل عن كتاب في ظلال القرآن فقال: إنه هو الكتاب المناسب لهذا العصر، ولا أعلم كتاباً أفضل منه إلا كتابي (صفوة الآثار والمفاهيم) إذا كتب الله له الإتمام.
وأنا أنصح بقراءة هذا الكتاب، فهو كتاب نافع ويعالج بعض المشكلات المعاصرة أيضاً.