تفاوتهم لاختلافهم في معرفة التواريخ والأحداث

من أسباب اختلافهم رضي الله عنهم اختلافهم في معرفة التواريخ، والأحداث، والأخبار، والعلوم الأخرى التي يستفاد منها في فهم القرآن الكريم، ولذلك جاء في صحيح مسلم عن المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه إلى نصارى نجران، يدعوهم إلى الإسلام ويعلمهم، فكان من ضمن ما قرأ عليهم المغيرة بن شعبة سورة مريم {يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً} [مريم:28] فقال النصارى: يا مغيرة! كيف يا أخت هارون؟! مريم بينها وبين هارون قرون طويلة، فكيف تكون أخته؟ فتحير رضي الله عنه ولم يستطع أن يجيبهم، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: كانوا يسمون بأسماء أنبيائهم، والصالحين منهم} فحل له الأشكال، وبين له أن هارون هذا المذكور في الآية، ليس هو هارون أخو موسى، لا.

بل هارون آخر سموه عليه؛ لأنهم كانوا يسمون بأسماء الأنبياء، ولذلك يكثر في اليهود -مثلاً- موسى وهارون؛ لأنهم يسمون بأسماء أنبياء، فبين له النبي صلى الله عليه وسلم هذا الإشكال، ولا شك أن المغيرة لو كان يعرف هذا الأمر من الأصل لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عنه، لكن لما سأله النصارى وقع عنده الأشكال فسأل عنه النبي صلى الله عليه وسلم فأجابه على ذلك.

فهذه من أسباب اختلاف الصحابة في فهم القرآن الكريم، ولذلك كان الصحابة يسألون الرسول عليه الصلاة والسلام عن أشياء كثيرة من القرآن مما يحتاجون إلى بيانه فيبينه لهم، ولذلك نقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بين في سنته كل ما يحتاج إلى بيانه من القرآن، ولا نريد أن ندخل في جدل: هل بين القرآن كله أو بعضه؟ لأن من العلماء من يقول: ما بين الرسول صلى الله عليه وسلم من القرآن إلا القليل كما يقول السيوطي، ويستدلون بحديث مروي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: [[ما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفسر من القرآن إلا آيات معدودة]] وهذا الحديث لا يصح، رواه الطبري والبزار وغيرهما، وهو معلول لأن في إسناده محمد بن جعفر الزبيري، وهو ضعيف ولا يحتج بحديثه.

ومن العلماء من يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين القرآن كله، ومقصودهم: أنه بين ما يحتاج إلى بيان فهناك آيات لا تحتاج إلى بيان لأنها هي بينة من نفسها، ولذلك ابن عباس رضي الله عنه كما ذكر الطبري عنه يقول: [[التفسير على أربعة أنواع: تفسير تعرفه العرب في لغتها، إذا قرئ على العرب فهموا معنى الآية، وتفسير لا يعذر أحدٌ بجهله، وذلك كتفسير الأحكام، والعقائد التي يحتاج الناس إلى معرفتها.

وتفسير يعرفه العلماء وهى المعاني الخفية التي لا يعرفها عامة الناس.

وتفسير أستأثر الله بعلمه]] فهذه أربعة أنواع.

إذاً يوجد تفسير تعرفه العرب من لغاتها، ولا يحتاج إلى البيان.

المهم والخلاصة أن كل ما يحتاج الناس إلى بيانه من القرآن الكريم؛ فقد بينه الرسول صلى الله عليه وسلم في سنته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015