تأكيد الواقعية في هذا الدين

ثانياً من أهداف دراسة السيرة تأكيد الواقعية في هذا الدين، فإن من سمات الدين الإسلامي أنه دين الواقعية يتعامل مع النفس البشرية بكل ملابساتها وبمختلف أحوالها وظروفها، وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم تأكيد لهذه الواقعية، فهو مع كونه صورة مشرقة وقمة سامقة للإسلام، إلا أنه لم ينسلخ عن بشريته يوماً من الأيام، ولم يكن وهو يزاول تعاليم الإسلام ملكاً مقرباً؛ بل كان بشراً سوياً، فعاش مع نفسه حالة الخوف والرجاء، وعانى من الفقر، وعرض له الغنى، وعاش ظروف الغربة كما عايش الأمن والاستقرار، كما مرت حياته بظروف العزلة والاختلاط، والعزوبة والزواج، وكان قائداً حربياً ومخططاً سياسياً، وأحست نفسه بآمال النصر كما أحست بآلام الهزيمة، ففرح وحزن وغضب ورضي، وهكذا كان في كل هذه الأحوال ينهج نهج الاستقامة والعدل، والذين يقرءون هذه السيرة يتبينون هذا الأمر، ويسيرون في حياتهم على نهج سيرة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.

وهكذا كان في كل هذه الأحوال ينهج نهج الاستقامة والعدل، ويتعامل مع النفس البشرية بشكل واقعي، يتيح لمن بعده أن يقتدي به في كل حال من أحوال الحياة، وفي هذا المجال يجد الدارس للسيرة تلازماً بين القول والعمل، والمبدأ والسلوك، فلا يأمر الناس بالبر والخير وينسى نفسه، والذين لا تتاح لهم دراسة السيرة دراسة واعية تظهر في سلوكياتهم التناقضات، وتكثر في حياتهم المنغصات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015