خامساً: وحدة الأمة وعدم التنازع: وهذا هدف سام وجليل من أهداف دراسة السيرة، فمعرفتنا بمراحل الدعوة وأساليبها المختلفة ومعرفتنا بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم بشكل مجمل، يجعل في صدر كل واحد منا متسعاً للآخرين في أسلوب دعوتهم، ما دام أصحابها يلتزمون بهدي الإسلام، ويراعون أصوله، ولا يؤثرون الهوى على الهدى، ولا يقصدون تقليد الخلق، بل هدفهم الوصول إلى الحق، ولا تؤدي بنا الاختلافات الفرعية إلى التناحر والنزاع والقطيعة، بل نجعل السيرة هي أداة التحكيم عند اختلافنا امتثالاً لقول الحق تبارك وتعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء:59] ولقوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر:7] .
نعم! إنه قد يشكل علينا أمر، ونختلف في حله وحرمته وقربه من روح الإسلام أو بعده، ولكنا حينما نعود إلى السيرة ينحسم هذا الأمر، ويوضح لنا الطريق سيرتُه وهديُه صلى الله عليه وسلم، وقد يرى راءٍ في الإسلام جزئية لا تعجبه، ولا يدرك مغزاها ومرماها، فما عليه إلا أن ينظر كيف طبق الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الجزئية؟ ومتى؟ ولماذا؟ وكيف؟! ليدرك موقعها من مجموع البناء الإسلامي، ولا يستعجل الأمور، فيلتمس التعليلات الباردة ليرد بها الأحكام الصريحة الواضحة، أو النقول الصحيحة الجلية كما يفعل بعض الناس.