تذكر الموت ميزةٌ غالية

السؤال يقول: شابٌ هَمَّه الآخرة، ويخاف أن يدركه الموت، وهو يقول: يا نفس قد دنيت من القبر، وهو يخاف أن يكون من أهل النار، ودائماً يتذكر الموت؟

صلى الله عليه وسلم لقد فهمت من السؤال أن الخوف يغلب على قلب هذا الشاب حتى أنه كثيراً ما يذكر الموت، وذكر الموت مطلوب، وكفى أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا بزيارة القبور، لأنها تذكر بالآخرة، وقال الله في وصف عباده الصالحين: {إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ * وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ} [ص:46-47] .

فذكر الدار الآخرة هو ميزةٌ وخصيصة يختص الله بها من يشاء من عباده؛ ولكن على الإنسان أن يستفيد من هذا الشعور، وألا يكون مجرد خاطر؛ لأن بعض الناس ذكره للموت والقبر مجرد وحشة في قلبه، وليس ذكراً شرعياً حقيقياً يحدوه إلى العمل الصالح وإلى المسارعة في الخيرات، وإلى اقتناص أوقات العمر، فعلى الإنسان أن يدرك أن ذكر الموت يكون على صفاتٍ شتى، فمن الناس من ذكر الموت يدعوه إلى نوعٍ من الانطواء، وربما إلى شيء من الوحشة والعزلة ولا يدعوه إلى أعمال صالحة، فمثل هذا ينبغي للإنسان أن يعالجه، وبعض الناس ذكر الموت يحدوه إلى المسارعة في اغتنام أوقات العمر، وصحبة الطيبين، وعلى كل حال إذا شعرت أن هذا الأمر قد غلب وزاد في قلبك، فحاول أن تنتبه حتى يكون شعورك متوازناً، ولا يغلب على قلبك شيءٌ، فإن الإنسان المؤمن ينبغي أن يكون خائفاً راجياً محباً، ينبغي أن يجتمع في قلبه ثلاثة أشياء: الحب، والخوف، والرجاء، فمن عَبَدَ الله بالحب وحده فهو زنديق، ومن عبد الله بالخوف وحده فهو حروري، ومن عَبَد الله بالرجاء وحده فهو مرجئ، ومن عَبَدَ الله بالخوف والحب والرجاء فهو مؤمنٌ موحد، فعلى الإنسان أن يطير إلى الله عز وجل بهذه الأجنحة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015