يروي البخاري في صحيحه عن عمرو بن ميمون الأودي رضي الله عنه، وهو من التابعين المخضرمين أنه قال: إني رأيت عمر بن الخطاب قبل أن يموت بأربع ليالِ، وقد مر على حذيفة بن اليمان وسهل بن حنيف، وكان قد بعثهما إلى العراق لتحديد المبلغ الذي يضرب على أرض الخراج، فحددا لـ عمر المبلغ الذي تستحقه الأرض، فقال لهما عمر رضي الله عنه: انظرا أن تكونا حملتما الأرض ما لا تطيق، وضربتما عليها من الخراج فوق ما تستحق، قالا: يا أمير المؤمنين، حملناها أمراً هي له مطيقة، ما فيها كبير فضلٍ لو زدنا عليها لتحملت.
فقال رضي الله عنه وأرضاه: والله لئن سلمني الله؛ لأدعن أرامل أهل العراق لا يحتجن إلى رجلٍ بعدي أبداً.
هذا همٌّ من هموم أمير المؤمنين الذي يقطع الليل تسبيحاً وعبادة وقرآناً، من همومه قبل أن يموت بأربع أيام بخطةٍ اقتصادية تجعل أرامل أهل العراق لا يحتجن إلى أحدٍ بعده أبداً، فما مرت عليه أربعة أيامٍ، إلا وطعن رضي الله عنه وأرضاه.