ومر به عمر يوماً فقال له: ألم أخبر أنك تقول: لأصنعن رحى تدور بالريح -وكان هذا الرجل فيما يبدو صاحب قدرة في الاختراعات والابتكارات، فكان يتحدث أنه سوف يصنع رحى تديرها الريح- فأقبل على عمر عابساً مغضباً، وقال: لأصنعن لك رحى يسمع بها أهل المشرق والمغرب، فقال عمر: لقد توعدني العبد.
فكان عمر رضي الله عنه يظن أن هذا الرجل قاتله، بل إن مسلماً روى في صحيحه، أن عمر رضي الله عنه قال قبل أن يموت بثلاثٍ: [[إني رأيت في المنام كأن ديكاً نقرني ثلاث نقرات، وما أراه إلا حضورُ أجلي]] وفي بعض الروايات: أن أسماء بنت عميس فسرت هذه الرؤيا برجلٍ من العجم يطعن عمر ثلاث طعنات، لكن وماذا يهم عمر أن يطعن في سبيل الله، بل إنه كان يتمنى ذلك، كما في الروايات الصحيحة، أنه بعد أن انتهى من حجه رضي الله عنه في العام الذي قتل فيه وأقام بالأبطح جمع كومةً من تراب، ثم فرش عليها رداءه، ثم استلقى ورفع يديه إلى السماء، وقال: اللهم قد رقَّ عظمي، وكثرت رعيتي فاقبضني إليك غير مفتون ولا مضيع.
وفي الحديث الصحيح عنه أنه كان يقول: [[اللهم إني أسألك شهادةً في سبيلك، وموتاً في بلد رسولك]] انظر كيف جمع بينهما شهادةً في سبيلك، وموتاً في بلد رسولك، فجمع الله عز وجل له بينهما حيث طعنه هذا الغلام الكافر في بلد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأدرك الشهادة في سبيل الله، والموت في بلد رسول الله، والغريب أن أبا لؤلؤة بعد أن طعن عمر هذه الطعنات، وكان معه سكين ذات حدين، أقبل على المسلمين مسرعاً فلا يعرض له أحدٌ إلا طعنه، حتى طعن نحو ثلاثة عشر رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين، مات منهم سبعة، فلما رأى ذلك رجلٌ من المسلمين؛ طرح عليه برنساً أي ثوباً فلما علم العلج أنه مأخوذٌ نحر نفسه.
إذاً أبو لؤلؤة قتل عمر رضي الله عنه وأرضاه، لسبب خفي، وهذا السبب هو الانتصار لدين المجوس الذي سقطت دولته -دولة الفرس- على يدي جيوش أمير المؤمنين رضي الله عنه وأرضاه فـ أبو لؤلؤة طعن عمر رضي الله عنه بسكين المجوس بالتعاون مع اليهود، ولذلك فليس من الغريب أن يعظم المجوس منذ ذلك الحين وإلى اليوم أبا لؤلؤة المجوسي فيسمونه بابا شجاع الدين، لماذا؟ لأنه قتل عمر رضي الله عنه، ولذلك فليس من الغريب أن تمتلئ كتب الرافضة بالشتيمة على عمر رضي الله عنه والطعن فيه، ورميه بالكفر، حتى إنهم يقرءون في مزاراتهم ومعابدهم الوثنية، اللهم العن صنمي قريش، وجبتيهما، وطاغوتيهما، وابنتيهما إلى آخر الدعاء.