الحمد لله، والصلاة والسلام على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
سنتكلم إن شاء الله عن الآفات التي قد تصيب طالب العلم، وقبل الدخول فيها أشير إلى أن الآفات التي تعترض المسلم كثيرة، وهي تعترض طالب العلم وغيره، فالحديث عن هذه الآفات والعيوب والمداخل ليس من شأن هذه الدروس، بل له ميدان آخر، وإنما سوف يقتصر الحديث إن شاء الله تعالى في هذه الدروس على ذكر الآفات والأخطاء الذي يقع فيها طالب العلم، وخاصة مما هو شائع بين طلاب العلم في هذا العصر، وربما في عصور كثيرة، لكن كل واحد يدرك ما يعايشه أكثر مما يدرك غيره.
فسيكون التركيز إن شاء الله على الآفات والمعايب الموجودة فينا إن صح أننا طلاب علم.
ثم إنه حتى هذه العيوب يصعب حصرها والحديث عنها، ولذلك فإنني أكتفي بأن أشير في مقدمة هذه الدروس إلى بعض الكتب المهمة التي تحدث فيها مصنفوها عن هذه المثالب والمعايب، وأتوا فيها بالعجب العجاب.
وأنصح نفسي وإخواني من الطلبة أن يحرصوا على مراجعة هذه الكتب والاتصال الدائم بها، فمن هذه الكتب كتاب العزلة للإمام الخطابي، ومنها كتب الإمام الغزالي وخاصة كتاب إحياء علوم الدين في الجزء الأول منه تحدث عن آفات طلب العلم، ومنها كتاب تذكرة السامع والمتكلم في آداب العالم والمتعلم لـ ابن جماعة وهو يذكر الآداب ويذكر مع كل أدب جوانب من الإخلال بهذا الأدب يصح أن تعتبر من الآفات.
ومنها ما كتبه الإمام ابن القيم في عدد من كتبه من كتابات متفرقة في زاد المعاد مثلاً، وفي إغاثة اللهفان، وفي مدارج السالكين، بل وفي إعلام الموقعين وغيرها، ومنها ما كتبه الإمام الذهبي في رسالة صغيرة له نسبت إليه وبعضهم يشكك في نسبتها، لكن الظاهر أن نسبتها إليه صحيحه واسمها بيان زغل العلم، وكذلك ما كتبه الإمام ابن الجوزي في كتاب تلبيس إبليس وهو كتاب مهم جداً ومفيد لكل مسلم ولطالب العلم خاصة.
وكذلك في كتابه صيد الخاطر في مواضع متفرقة منه، وكذلك ما كتبه الإمام ابن حزم في كتاب الأخلاق والسير أومداواة النفوس، وأخيراً ما كتبه ابن السبكي في كتاب له مطبوع اسمه معيد النعم ومبيد النقم، وقد استفاد كثيراً مما كتبه من قبله كـ الغزالي وغيره.
وعموماً فالكتب التي ألفت في آداب العالم والمتعلم كجامع بيان العلم وفضله وغيرها تحدثت عن هذا الموضوع، وسأقسم الحديث عن هذا الموضوع إلى أربعة أقسام: القسم الأول: الحديث في الآفات التي تعترض طالب العلم في علاقته مع ربه.
والثاني: في علاقته مع الناس.
والثالث: في تعلمه وتعليمه.
والرابع: في أمور متفرقة.