توطئة وتشويق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: في هذه الليلة المباركة، نشير إلى بعض المشكلات التي يواجهها الكثير من الشباب، فحديثنا الليلة هو عبارة عن مشكلات واقعية للشباب.

أيها الأحبة الجسد الميت لا يشعر بالألم، ما لجرحٍ بميتٍ إيلامُ وإذا أصيب جزء من بدن الإنسانِ بمرض الشلل، أو الفالج، أو غيره، فإنك مهما وخزته أو ضربته لا يشعر بالألم، إذ لا ينتقل الإحساس إلى مركز التألم والشعور والإحساس، لكن ما إن تدب الحياة في هذا الجسدِ أو في هذا العضو حتى يصبح شديد الحساسية يتألم لأقل شيء ويتأثر من أي شيء، وإذا كانت حياة الأبدان هي بالروح؛ فإن حياة القلوب هي بالإيمان بالله عز وجل وطاعة الله تعالى والقربى إليه.

وهذا الشهر الكريم هو من مواسم الخيرات، التي تتحرك فيها القلوب إلى رِبها جل وعلا، وربما أصغت الآذان إلى ذكره وربما لهجت الألسنة بذكره والثناء عليه، ولهذا لا غرابة أبداً، أن تجد الأوابين والتوابين تتكاثر جموعهم في هذا الشهر الكريم، وتغص بهم المساجد، وتكتظ بهم حِلق الذِكر، ولأصواتهم دوي بالقرآن الكريم، وربما كان في كثير من الأحيان لهم خنين وحنين وبكاء كلما سمعوا ذكراً أو وعظاً أو تخويفاً من نار أو ترغيباً في جنة أو دعوة إلى توبة، وهذا شأن المؤمنين الصادقين، فإن المؤمن الذي يؤمن بالله عز وجل وإن ابتعد، وإن استدرجه الشيطان خطوة خطوة، ونأى به عن ربه جل وعلا، فإنه سريع الأوبة والعودة إلى الله تعالى، لا يصر على ذنب، ولا يستمرئ معصية، ولا يستلذ مخالفة، وإنما تغلبه نفسه مرة بعد مرة بتسويل شياطين الإنس والجن، فإذا سمع داعي الله تعالى أجاب وأناب وهو يقول: لبيك لبيك، فنسأل الله عز وجل بمنه وكرمه، في هذه الساعة المباركة، أن يجعلنا وإياكم من التوابين، وأن يتقبل منا ومنكم أجمعين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015