الجانب الثاني: هو: الانحراف في الجوانب والأوضاع التشريعية، حيث كان الناس يتحاكمون فيما بينهم إلى أوضاع، ونظم، وأعراف، وتقاليد ما أنزل الله بها من سلطان، إنما كانت بمحض الهوى والآراء البشرية.
وقد أشار الرسول صلى الله عليه وسلم إلى هذا الجانب، في قوله في بداية الحديث القدسي: {كل مال نحلته عبداً حلال، كل مال نحلته عبدا حلال} فهذا إشارة إلى ما كان أهل الجاهلية يفعلونه بأموالهم حيث كانوا يجعلون الأموال لأصنامهم وغير ذلك، وقد أنكر الله عز وجل عليهم بقوله: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} [المائدة:103] فهذه إشارة إلى جانب، وهو: انحراف الأوضاع التشريعية.
ومثله: قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: {وحَرَّمت عليهم ما أحللت لهم} وهذا ما أنكره الله عز وجل في كتابه، حيث قال: {فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} [يونس:59] فأشار إلى ما آتاهم الله من رزق، فجعلوا منه الحلال والحرام، هل هو بشرع الله أم بالهوى والافتراء؟!