أيضاً قضية الاضطهاد الديني الذي ما زال بلاءً جاثماً على المسلم بشكل خاص في بقاع كثيرة من العالم الإسلامي والعالم العربي، وفي مصر مثلاً، أو تونس أو ليبيا أو الجزائر أصبح من السهل جداً أن يسجن المسلم، بل أن تقتله قوات الأمن في الشارع، ولا يسأل من أطلق عليه النار ولماذا قتلته؟ أبداً، لكن سوف يسألون يوم القيامة {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير:8-9] {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} [النساء:93] أما أجهزة الأمن فقد أعطت صلاحيات واسعة بإطلاق النار على كل من يشتبه فيه وفق قوانين وأنظمة جديدة يسمونها بأنظمة مكافحة الإرهاب.
وقد اطلعت على وثائق من ألوان الممارسات المخالفة للشرع، بل المخالفة لقوانين البشر ومواثيق حقوق الإنسان في مصر وفي تونس وفي ليبيا، بل إن كثيراً من هذه السجون الداخل فيها مفقود والخارج منها مولود.
وقد وصل الحال بكثير من هذه المؤسسات إلى أن تسجن الإنسان، وتلفق عليه قضايا أخلاقية مكذوبة من أجل تشويه صورته أمام الناس، وتسلط عليه الصحافة والإعلام من أجل أن يأخذ الناس عنه انطباعاً غير جيد، وتتهمه بكل التهم الرديئة والملفقة، ولا تسمح له بحق الدفاع عن نفسه، لا سراً ولا علناً، بل لا يمثل هؤلاء أمام محاكم، ومن المؤسف أيضاً أن ثمة منظمات غربية نصرانية قامت تدافع عن حقوق الإنسان، فقد وقفت على تقرير خطير عن حقوق الإنسان في تونس أصدرته منظمة العفو الدولية، ووقفت على تقرير آخر أصدرته منظمة أمريكية عن حقوق الإنسان! في مصر، وطالبت تلك المنظمة أمريكا أن تحجب المعونات عن حكومة مصر حتى تعدل أوضاعها وتحترم حقوق الإنسان في سجونها! أما العالم الإسلامي الطويل العريض الذي تقول آخر الإحصائيات: إنهم بلغوا ألفاً ومائتي مليون إنسان فلم نكد نسمع صوتاً واحداً يستنكر مثل هذا العذاب الرهيب بأهل الإسلام! كم هو محزن أن نسمع في الأخبار أن أطفالاً أو شباباً صغاراً في سن السادسة عشرة وفي زهرة الشباب وريعان الصبا تطلق عليهم أجهزة الأمن النيران في الشوارع وترديهم قتلى! وبالتأكيد ثق أن أي ضابط أمن أو مسئول حينما يخطئ في حق مسلم متدين أو ما يسمى متطرف فإنه لن يتعرض لأي شيء، لأن هذا دليل على أنه مخلص ووفي لهذا النظام أو ذلك؛ لكن لو أنه أخل بحق مسئول في حراسته أو حمايته أو الحفاظ عليه، لرأيت كيف يتعرض لأقسى العقوبات.
ولهذا أصبح أي مسئول أو شخص عادي لا يبالي أن يعتدي على المسلم أو يمتهن كرامته أو يهينه، وينسى أن هذا الإنسان له قدر عظيم عند الله تعالى وله مكان، وربما يكون إيذاؤه أو الاعتداء عليه سبباً في معاجلة الله تعالى ليس لهذا الفرد بل للمجتمع الذي أقر الاعتداء أن يعاجله الله تعالى بالعقوبة، وأي عقوبة؟ عقوبة مثل: أزمة اقتصادية، أو أزمة سياسية، أو حرب أهلية، أو غلاء فاحش، إلى غير ذلك {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} [المدثر:31] .