زيادة الإهدار لحقوق الإنسان في العصر الحاضر

أما السبب الرابع لبحث هذا الموضوع فهو: أننا في الوقت الذي امتلأت آذاننا من الحديث عن حقوق الإنسان من الناحية النظرية، إلا أن آذاننا امتلأت -أيضاً- بما يواجهه الإنسان على محك الواقع من الإهدار لكرامته والانتهاك لحقوقه، ولهذا نقول: ربما لم ير الإنسان في تاريخه الطويل كاليوم قط إهداراً لحقوقه وانتهاكاً لكرامته.

فالإنسان الغربي اليوم لم تعد تفرض عليه الأمور بقوة الحديد والنار كما كان ذلك في الماضي، ولكن أصبحت الأمور تفرض عليه من خلال تأثير الإعلام، فبالأمس إذا أراد الحاكم في بلد غربي أن يحمل الناس على شيء حملهم بقوة الحديد والنار، أما اليوم فإنه يحملهم بقوة الإعلام، فإذا أراد أن ينتخبوا فلاناً -مثلاً- سلط الأجهزة الإعلامية لتلميع هذا الشخص والحديث عن منجزاته، والكلام عن بطولاته، وذكر مآثره حتى تمتلئ نفوس الناس قناعة فيصوتون له بملء اختيارهم وطواعيتهم، فالدكتاتورية هي هي، والاستبداد هو هو، سواء كان حملاً للإنسان بالقسر والقوة، أم كان إقناعاً للإنسان من خلال وسائل الإعلام المسلطة عليه، والتي تقوم معه حيث يقوم، وتقعد معه حيث يقعد.

أما الإنسان المسلم فعلى رغم أن العالم يعلن باستمرار أنه لا يعترف بالفوارق بين الأديان، إلا أن الإنسان المسلم قطعاً يحظى بمعاملة خاصة ملؤها الإهدار واللامبالاة والاعتداء الصارخ على حقوقه، سواء حقوق الأفراد أم حقوق الشعوب أم حقوق الدول، ولسان حال المسلم المستضعف المسكين يقول: لو كنت من مازن لم تستبح إبلي بنو اللقيطة من ذهل ابن شيبانا إن الغرب يريد من المسلم فعلاً أن يتخلى عن إسلامه وتميزه بهذا الدين وانتمائه إلى هذه العقيدة، وبراءته من المخالفين له في الدين، ولكن الغرب نفسه لم يقنع الكافر هناك أن يتعامل مع المسلم على قدم الإخاء والمساواة، اللهم إلا بالكلام فحسب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015