قد تكون هذه العلاقة الزوجية التي أشرتُ إليها سابقاً سبباً في الفراق بين الزوجين، والأمر الغريب أنك تسمع وتجد -أحياناً- في بعض الصحف التي تصدر في بلاد الإسلام، وبأموال أهل الإسلام، وتدخل بيوت المسلمين، ويقرؤها ذكرانهم وإناثهم تجد المطالبة بتحديد الطلاق، فقد قرأتُ يوماً من الأيام مقالاً بقلم مَن سمَّت نفسَها: بثينة فيما أعتقد، وأنا قديم العهد بهذا المقال، وأعتقد أن الكاتب جميلٌ وليست بثينة، يطالب بمنع الطلاق، وأن الطلاق لا يقَع إلا أمام القاضي، ويحتج بأن هناك بلاداً إسلامية، ذكَرَ: تونس، أو غيرها، لا يقع فيها الطلاق إلا أمام القاضي، وهي بلاد إسلامية، فلنا فيهم أسوة وقدوة! هكذا يقول هذا المسكين، فيا سبحان الله! الطلاق دواء وعلاج، والمرأة إذا عاشت في بيت رجل يبغضها، ويتمنى فراقها، ولو بالموت، ويكيد لها وتكيد له، فالطلاق أمنية بالنسبة لها، وبقاؤها في مثل هذا البيت يُعتبر سجناً بين أربعة جدران، وسجناً صعباً؛ لأنه يترتب عليه آثار بعيدة المدى، والمرأة -في كثير من الأحيان- تجد نفسها مضطرة؛ لأن تفتدي نفسها من زوجها بالمال، فكيف يقال بعد ذلك: إن الطلاق يجب أن يحدد أو لا يحدد! إن الطلاق رحمة من الله عزَّ وجلَّ للقضاء على علاقة زوجية قامت، وكانت نتيجتها فاشلة، ولا شك أن الطلاق له أضرار كثيرة في نفسية الزوجة وتحطيمها، وتحطيم شيء من مستقبلها أحياناً، وله أضرار على الزوج -أيضاً- في التأثير على نفسيته، وضياع شيء من ماله، وضرر أكبر على الأطفال -إن وُجِدوا- حيث يتشردون، ويعانون كثيراً من الأمراض النفسية، والمشاكل والقلق، هذا كله صحيح؛ لكن الطلاق مع ذلك كله يبقى -أحياناً- حلاً لا بد منه.
ولنبحث: ما هي أسباب الطلاق؟ أول سبب من أسباب الطلاق -والذي يجب أن نركز عليه جيداً- هو: سوء اختيار الزوج:- فكما أسلفت قبل قليل، الفتاة والفتى في سن الزواج، ربما تتغلب عليهم العاطفة، فيوافقون على زواج، ربما تكون عوامل الفشل موجودة فيه، فإذا وقع الزواج -لا شك- أن المشكلة أصبحت صعبة الحل؛ لكن إذا أفلح الشاب، وأفلحت المرأة في في البحث عن الزوج المناسب، الذي تتفق طبيعته مع طبيعة المرأة، وعن الرجل المتدين أو المرأة المتدينة؛ الذي لا يقبل أن يكون ممن يقضون أوقاتهم في السفر إلى بلاد الكفار، وقضاء الإجازات وتبذير الأموال، والوقوع في الأوحال والمستنقعات الآسنة، إذا أفلح كل من الذكر والأنثى في اختيار الزوج؛ تكون مشكلة الطلاق شبه منتهية، ولو بحثتَ لوجدتَ أن هذا الزواج كان غير صحيح، وقد تَمَّ باستعجال، وعدم تروٍّ أو دراسة، فهذا هو الأمر الأول الذي يجب أن نركز عليه، أما إذا وقع الزواج، فإن حصلت المشكلات -كما سبق- يجب حلها بالطرق السابقة.
زإذا تفاقم الأمر، فقد يكون الحل هو الطلاق، وقد يكون الحل، هو تعدد الزوجات أيضاً، وهذه هي المشكلة الأخيرة التي أريد أن أشير إليها.