النموذج الثاني: -وهو أخطر وأهول وأطول- هو ما يتعلق بأرامكو: وسوف أتحدث عن التنصير وما يتعلق به أيضاً؛ لأنه يصعب فصل الموضوع بعضه عن بعض.
ويوجد في مناطق عمل الشركة -أرامكو- الرئيسية موظفون أجانب ليس لديهم أعمال محددة، وإنما تم استقدامهم على شكل موظفين؛ للتغطية على المهام التي قدموا من أجلها، وهي إلقاء الخطب والمواعظ في مجموعات النصارى الموجودة بالشركة؛ مع التركيز على نصارى جنوب شرق آسيا، كالفلبين والهند وغيرها، ويتم إلقاء الخطب النصرانية في أوقات محددة من كل أسبوع: الوقت الأول: ما بين الساعة الحادية عشرة صباحاً والساعة الواحدة ظهراً من يوم الجمعة، أي: في وقت صلاة الجمعة، وذلك في مبنى معروف هناك اسمه: الديوان، وهو مخصص في الأصل للحفلات العامة.
الوقت الثاني: ما بين الخامسة والسابعة مساءً من بعد عصر يوم الأحد، وذلك في مبنى المدرسة المتوسطة المخصصة لأبناء الأمريكان.
فهذه هي الأوقات التي تقام فيها الخطب والمواعظ الكنسية.
ثانيا: هناك امرأة اسمها: هيلين ريدي؛ وهي راهبة أمريكية، ومديرة لإدارة التمريض، يقع تحت تصرفها ألف وستمائة ممرض وممرضة، وبمستشفيات أرامكو لهذه الممرضة نفوذ قوي على الكثير من المسئولين في الشركة من السعوديين والأجانب، وهي مسئولة عن إداراة منازل بعضهم إدارةً مباشرةً، أي: إدارة منزله الخاص.
وهذه المرأة كان لها نشاط غريب خلال وجود الجيش الأمريكي في حفر الباطن إبان أزمة الخليج، حتى كانت تذهب في نهاية كل أسبوع، تذهب من الأربعاء إلى الجمعة إلى حفر الباطن بإحدى سيارات الجيش الأمريكي، ولما سئلت: إلى أين تذهبين؟ قالت: هناك مجموعة من الأطفال الصغار -مها نظن أنها تعني من نسميهم بلغتنا: البذران- لابد أن نثبتهم، نخاف عليهم ولابد من تثبيتهم وتعني بهم أفراد الجيش الأمريكي! واستمرت على هذا الحال لعدة أشهر.
واحفظوا اسم هذه المرأة، لأننا سوف نحتاج إليه بعد قليل، هيلين ريدي، وهي مديرة إدارة التمريض في أرامكو.
ثالثاً: هناك رجل اسمه بوتش كونر، وزوجته اسمها دفرلي كونر يعملان بمستشفى أرامكو لسنوات طويلة، ولهم نشاطات غريبة، الزوجة دفرلي كونر تعمل بوظيفة مديرة المشاريع الخاصة! هكذا اسم الوظيفة: مديرة المشاريع الخاصة، تحت إدارة مسئول سعودي، ومن ضمن ما تقوم به دفرلي كونر أنها تقوم باستقبال الموظفين الجدد في أرامكو، وإعطاؤهم دورة تعريفية عن الشركة ونشاطاتها لمدة يومين، وتعريفهم عن البلد وعادات البلد وتقاليده، وإعطاؤهم نبذة عن الإسلام، والمهم في حياة هذه المرأة شيئان: أولاً: أنها تقيم في منزلها الفسيح حفلات التعارف بين الجنسين من مختلف الجنسيات، وتولي أهمية قصوى لإقامة حفلات التعارف بين الموظفات السعوديات الجدد وبين الموظفين الأمريكان غير المتزوجين، وذلك بحجة سد الفراغ الموجود لدى الطرفين! وطبعاً هناك سعوديات عازبات مقيمات في السكن نفسه! ولاحظ فتاة سنها عشرون سنة مقيمة في السكن مستقلة! وتقام الاحتفالات من أجل سد الفراغ الموجود لدى الطرفين! ثانياً: أنها في الإجازة السنوية تذهب إلى البلدان الفقيرة وتشتري الأطفال المسلمين، وتحضرهم إلى الظهران حيث تقوم بتنصيرهم وتغيير أسمائهم، وتجاهر بذلك، ولقد اشترت ستة أطفال: أربعة منهم من أمريكا الجنوبية، وطفلين من لبنان، وتقول: إنه حصل بينها وبين الملحق إشكال كبير؛ حيث إنه رفض إدخالهم إلى السعودية؛ لأنهم أولاد غير شرعيين، ولكنها أخيراً استطاعت إدخالهم بطرقها الخاصة، وأسماؤهم معروفة.
وتقول: إن بعضهم عرف عنهم بعض أقاربهم، وجاءوا واستطاعوا إخراجهم من عندها، ولكنها عوضت بطفلين آخرين.
وهذه المرأة -الآن- تنصر أطفالاً في هذه البلاد، فأنت أسألك: بالله عليك ماذا فعلت لأطفال المسلمين في الصومال أو البوسنة والهرسك أو غيرها؟! الذين ينصرون ويهجرون ويكفرون؟! لو أن كل واحد بذل جهده للحصول على طفل واحد من أطفال المسلمين ورباه مع أطفاله، لوجدنا أننا استطعنا احتواء عدد كبير من هؤلاء.
ونرجع إلى أرامكو: بوتش كونر الزوج يعمل مساعداً للراهبة هيلين ريدي مديرة التمريض التي تكلمنا عنها قبل قليل، ومتخصص بشئون الاستقطاب، حيث يقوم بالسفر إلى جميع أنحاء العالم لاستقطاب الممرضين والممرضات الجدد وإجراء المقابلات معهم، ومن ثم اختيار المناسب منهم.
ويعتبر هذا الرجل غامضاً جداً، ولا أحد يعرف عنه إلا أقل القليل عن شخصيته، حتى أن المفاجأة وقعت عندما أحضر دفعة -كما قلت قبل قليل- من الفلبين، وهم من الجنس الثالث، فانتشر عمل قوم لوط في أحياء متعددة، وتسامع الجميع بالخبر، فسارعت الشركة إلى إلغاء عقده وتسفيره مع زوجته التي تكلمت عنها قبل قليل أما أولئك فلم يصدر بحقهم شيء بحسب ما وصلني من الأخبار.
ويقال: إن هذا الرجل بوتش كونر وزوجته سيعودان إلى الشركة بعد أن تهدأ العاصفة، حيث أن الشركة لا تستطيع أن تستغني عن خدماتهم! وكما يقال: إن هذه المرأة قد تخلصت من زوجها؛ حتى تستطيع أن تعود بعد ذلك إلى الشركة.
ومن ضمن مطبوعات الشركة المنتظمة: قافلة الزيت الأسبوعية، وهي جريدة أسبوعية تعنى بأخبار الشركة وموظفيها، وهي غير جريدة قافلة الزيت الشهرية، ومن ضمن أبوابها الثابتة -أعني القافلة الأسبوعية- الصفحة الأدبية، والتي كثيراً ما ترد فيها الآيات القرآنية وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وما يتعلق بها من تفاسير واستدلالات، ويشرف على هذه الصفحة -وهي تصل أحياناً إلى أربع صفحات من الحجم الكبير- يشرف عليها موظف نصراني عربي، اسمه: جاك الشماس، وعندما تم تنبيه القائمين على الجريدة أوقف لمدة أسبوعين، ثم عاد ليتصدر الصفحة ولكن بصورة غير منتظمة.
ومكاتب الاستقدام التابعة لشركة أرامكو والمنتشرة في أنحاء العالم، تتعمد إبعاد المتقدمين للوظائف إذا كانوا مسلمين، وترشح النصارى حتى من البلاد الإسلامية والعربية.
وعلى سبيل المثال: ذهب مدير الصيدلية السابق بمستشفى أرامكو -وهو هندي نصراني- إلى مصر لإحضار صيادلة، ثم عاد بعد أسبوعين، ومعه ستة من الصيادلة المصريين الأقباط، ولما سئل عن هذا التحيز قال: إنه لم يتقدم سوى هؤلاء، وبعد التحري وجد أن مكتب الاستقدام هناك قد قام باستبعاد المتقدمين من المسلمين المتفوقين، وأبقى قليلاً من غير المتفوقين، كما وضع في المقدمة جميع المتقدمين النصارى، وكان ذلك باتفاق مع مدير الصيدلية ومع الجهات المسئولة عن هذا الأمر في الشركة، فلما ذهب مدير الصيدلية إلى هناك، كانت لديه جميع المبررات لاستقطاب النصارى وترك المسلمين.
وهناك نماذج أخرى من التنصير في أرامكو؛ حيث يقبل في أرامكو سنوياً حوالي مائة وخمسين بنتاً سعودية من خريجات الثانوية العامة، حتى بلغ إجمالي العدد الحالي ما يزيد على خمسمائة بنت، وهذا في برنامج خاص، أما مجموع العاملات الموظفات، فهذا يزيد على أربعة آلاف كما ذكرت قبل قليل.
وهذا البرنامج يتم من خلاله تدريس البنات لمدة سنتين على أعمال السكرتارية، ونماذج من القيم الغربية بأيدي مجموعة من المدرسات والراهبات الأمريكيات اللاتي أحضرن خصيصاً لتدريس هؤلاء البنات، ليتخرجن سكرتيرات للمدراء والمسئولين بالشركة، حيث الاجتماعات المغلقة وإضاعة القيم الإسلامية، وقبل ذلك كله نزع الحجاب! ومما تجدر الإشارة إليه أن التعليمات الموجودة بالشركة تمنع المتدربات من ارتداء الحجاب، ولقد حاول بعض الفتيات الإبقاء على حجابهن، ولكنهن أجبرن على نزعه بعد أن تم تهديدهن بالفصل من الشركة.
ومن المؤسف أن بعض العاملين في هذه الدائرة من المسلمين، بل من هذه المنطقة.
والممرضة سيبير أخصائية غرفة عمليات، إيرلندية مسلمة، كانت قد اعتنقت الإسلام قبل التحاقها بالشركة بسنتين، وقد فرحت عندما وجدت فرصة للعمل في المملكة لتعمل على تقوية إسلامها، ولكن الضغوط التي وجدتها من مديرة التمريض " هيلين ريدي " وبقية الراهبات في إدارة التمريض بالظهران بسبب أنها مسلمة، اضطرتها لتقديم استقالتها ومغادرة المملكة.
وقد شرحت ذلك في خطاب يثير الأحزان وجهته إلى نائب رئيس أرامكو، ولا مانع أن أقرأ عليكم الخطاب، تقول -طبعاً هذه ترجمته-: أنا ممرضة إيرلندية تم التعاقد معي في لندن للعمل في مستشفى أرامكو كممرضة في غرفة العمليات، وكنت قد اعتنقت الإسلام قبل حوالي سنتين ونصف والحمد لله، وقد أخبرت أثناء المقابلة أن أرامكو ترحب بالمسلمين، وقد كنت شديدة الشوق للقدوم إلى المملكة، لاعتقادي أنها سوف تكون أفضل من الغرب لمن يعتنقون الإسلام، وللأسف وجدت أرامكو استمراراً للمضايقات التي كنت أجدها هناك، وأنها بؤرة للتعصب والتفرقة، فلم أستطع أن أتحمل المزيد، وخلال ما تبقى لي من أيام في السعودية، والتي يؤسفني أن أغادرها فإنني أدعو الله لأرامكو -عندما تصبح أرامكو السعودية- أن تأخذ وبقوة زمام الأمور من أولئك الذين نذروا على أنفسهم أن يخرجوا المسلمين من الإسلام، من أجل أولئك المسلمين الذين قد يجدون ما وجدت من معاناة خصوصاً حديثي العهد بالإسلام، فرأيت أنه من الأهمية أن ألفت أنظاركم إلى ما يجري، ورغم أنني لا أتوقع أن يتغير في الموقف شيء، أو أن تخف حدة التفرقة بين المسلمين وغير المسلمين، إلا أنني أرى أنه يجب أن يعلم بوجودها وشكراً، اهـ.
وطبعاً هناك ملاحظات على الرسالة، فهي عندما تشير إلى التفرقة في أكثر من موضوع، فإنها تشير إلى التفرقة التي يمارسها الأمريكان على بقية الجنسيات الأخرى؛ لأنهم يقومون رسمياً بتقسيم الجنسيات إلى أقسام: فالجنسية الأولى: الأمريكان والكنديون فهؤلاء في المحل الأرفع، ولهم ميزات وخصائص لا تكون لغيرهم.
والجنسية الثانية: السعوديون في جوانب وخاصة كبار الموظفين، أما صغار الموظفين فليس لهم ميزات، وغالب هؤلاء من السعوديين.
المرتبة الثالثة: البريطانيون والأيرلنديون وبقية الدولة الأوروبية، ولذلك يشعرون بالكراهية للأمريكيين.
أما المرتبة الرابعة: فالآسيو