سقوط الشيوعية

المؤثر الثاني: هو سقوط الشيوعية وما ترتب عليه، وقد نتج عن سقوط الشيوعية عدة أعمال: أولاً: توجه المزيد من إمكانيات الغرب التي كانت ضد الروس بحيث تصبح موجهة ضد المسلمين وخاصة في منطقة الخليج العربي والجزيرة العربية.

ثانياً: أصبح هناك تحالف بين الشرق -الذي كان شيوعياً وأصبح نصرانياً في غالبه- وبين الغرب النصراني الصليبي، وهذا التحالف تحالف مشترك على الإسلام في دول الخليج وفي غيرها، وأذكر أن فضيلة الشيخ سفر الحوالي حفظه الله قد تكلم منذ سنوات عن العالم الإسلامي في ظل الحرب الباردة وعما يسمى بالعبرة من الحروب الصليبية، وقال حينذاك: إنه يتوقع أن يكون هناك تحالف بين روسيا وأمريكا ضد الإسلام، واستغرب الكثيرون هذا! والعجيب أنني قرأت هذا الكلام نفسه قبل أسبوع واحد بلسان رجل كان نصرانياً وأسلم حسبما سمعت، وهو جهاد الخازن وهو صحفي كتب في جريدة الحياة: إن الغرب والشرق أصبحا متحالفين الآن ضد الإسلام.

الأمر الثالث الذي أحدثه سقوط الشيوعية هو: أن الخليج أصبح منطقة مفتوحة للغزو الفكري القادم من الغرب دون مقاومة أخرى، اللهم إلا المقاومة الذاتية التي تمثلها الصحوة الإسلامية على رغم قلة إمكانياتها، وإذا جاز لنا أن نعتبر حرب الخليج بين العراق والتحالف الدولي قبل سنين ثمرة من ثمرات تهاوي الشيوعية وعجزها، فإننا نستطيع أن نسجل في مجال مكاسب النصارى ما يلي:- أولاً: حيث تم نقل ما يزيد على خمسمائة ألف جندي غربي، كان عدد المسلمين فيهم حسبما وصل إليَّ من الأرقام نحو عشرة آلاف مسلم، أما البقية الباقية فهم موزعون بين اليهود والنصارى، والغالبية العظمى فيهم كانت من النصارى، وأصبح الكثيرون بعد الحرب هنا وفي دول الخليج يعلنون ولاءهم للأجنبي، ويدعون صراحة إلى أمركة البلاد، أي: تحويلها إلى الطريقة الأمريكية، وبالأمس القريب في أيام الاستعمار كان هذا الكلام يعد خيانة عظمى.

أما اليوم فأي متصفح للصحف الكويتية خاصة، يقرأ دعوة صريحة إلى الذوبان في المجتمع الأمريكي -وأنا لا أعبر عن كلامهم بأسلوبي، بل أنقل عباراتهم الذوبان في المجتمع الأمريكي- أو أمركة المجتمع الكويتي، هذه عباراتهم؛ بل قال أحد المسئولين هناك في الأسبوع الماضي -وفي صحيفة سعودية-: إن الكويت أصبحت الآن محمية أمريكية، وقبل عشرات السنين كانت كلمة محمية عاراً يلصق ببعض الدول التي رضيت بالخنوع والخضوع لبريطانيا أو غيرها.

ثانياً: رفع النصارى رءوسهم، وصرحوا بأن المسيح جاء لإنقاذ بلاد محمد، فيصح أن نعتبر هذه الحرب داخلة ضمن سياسة تجويع المسلمين، ثم إشباعهم من تعاليم المسيح كما يقول الكتاب الذي أشرت إليه قبل قليل -من خطط التنصير- وكان يصحب هؤلاء الجنود الآلاف من القُسُس والرهبان.

وعلى سبيل المثال: هناك كتاب عندي صورة منه أيضاً، وهذا الكتاب اسمه: بعد العاصفة فيه قصص لألوف من الجنود الأمريكان -يقول الكتاب-: إنهم قبلوا عيسى في أرض محمد، وأن الرب فتح لهم الباب للدعوة في البلاد التي لم يكونوا يحلمون بالدخول إليها، حيث كان الدخول إليها مستحيلاً، لكنهم قبلوا المسيح فيها، وهذا في (ص:147) ، ويذكر الكتاب أن السعودية وإيران والجزائر والجمهوريات السوفيتية من أهم أهداف المنصرين في الفترة القادمة.

وقد تمكن هؤلاء من توزيع أكثر من ستمائة ألف نسخة خاصة من الكتاب المقدس، فضلاً عن عشرات النشرات التي وزع منها مئات الألوف في المدارس والأسواق والشوارع، بل وفي المساجد، وقد حدثني ثقة أنه رأى كتاباً في يد رجل من العوام لا يقرأ ولا يكتب، فأخذه منه، فإذا هو كتاب الإنجيل -كتابهم المقدس زعموا- فقال: ما هذا؟ قال له: هذا كتاب حديث! يحسب أنه صحيح البخاري أو رياض الصالحين؛ لأنه لا يعرف إلا هذا.

ما تزال بقايا هؤلاء -لا كثرهم الله- في جميع دول الخليج تمارس دوراً تنصيرياً واضحاً في ثكناتها ومعسكراتها وأماكنها، بل وفي منتجعاتها وإسكاناتها، بل وفي الأسواق حيث يتسوقون في أيام العطل والإجازات وفي أوقات كثيرة بملابسهم الرسمية، ويقيمون أوثق العلاقات مع الشباب.

أولاً: هم يعتقدون أنهم جاءوا لحماية هذه الدول، بناءً على اتفاقيات عسكرية وأمنية، إذاً فمن حقهم أن يعتقدوا -أيضاً- أن لهم أن يمارسوا طقوسهم وعباداتهم وشئونهم كلها دون أن يغيروا من نمط حياتهم شيئاً، وبناءً عليه: فإن من المؤكد أن لديهم كنائس مخصصة لهذا الأمر، فضلاً عن البارات وأماكن الرقص والسباحة العارية المختلطة وغير ذلك.

وثانياً: هم رسل للمسيحية، فمن السذاجة تصور أنهم لا يحملون أية رغبة في دعوة الآخرين أو تنصيرهم، ولكنهم كما يقول التقرير الذي ذكرته في المجلس السابق حساسون ثقافياً، خاصة إذا كان ثمة من يراقبهم أو يتلفت حولهم، وهذه بعض الوثائق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015