إن الفقه حقاً هو القرآن والسنة وفهم معانيهما، وأما أقوال الرجال، قال فلان، وقال علان، فلا تعدو أن تكون تفسيراً للقرآن أو تفسيراً للحديث، ولا ينبغي أن يشتغل الإنسان بها إلا بقدر ما تكون بياناً لهذا أو لذاك، ولهذا لما تشاغل الناس بأقوال الرجال ظهر مصطلح أهل الفقه وأهل الحديث وتميزا، والواقع أن الفقه والحديث شيء واحد، ما الفقه إلا علم القرآن والسنة حفظاً، وفهماً، وعلماً، وعملاً.
ولذلك أنكر الأئمة كـ ابن الجوزي والخطابي وغيرهما التفريق بين أهل الفقه وأهل الحديث، بل الفقه والحديث شيء واحد، ولهذا -أيضاً- لم يعتبر العلماء أن المقلد تقليداً محضاً أنه عالم، الذي يقلد فلاناً وفلاناً هذا ليس بعالم، حتى قال ابن عبد البر: أجمعوا على أن المقلد لا يعد من العلماء، وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: العلم هو المعرفة الحاصلة من الدليل، والدليل: آية أو حديث أو إجماع، فهذا هو العلم، أما كونك سمعت فلاناً يفتي بكذا، وسمعت فلاناً يقول كذا، فهذا لا يعد علماً، وإنما هو تقليد قد يُعذر به الجاهل الذي لا يستطيع إلا التقليد فقط، أما طالب العلم فلا.