تعزية من ورائه وتصبيرهم

الشعور الثالث: هو شعور بتعزية من ورائه وتصبيرهم على ما قد ينزل بهم من المصيبة بموته، وهذا أيضاً حصل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: {فإنه لما نزل به الموت قالت بنته فاطمة: واكرب أبتاه واكرب أبتاه فقال لها صلى الله عليه وآله وسلم: إنه ليس على أبيك كرب بعد اليوم} يقضي اليوم آخر ما عليه من الآلام والصعوبات والمتاعب التي كتب على أهل هذه الدنيا أنهم لابد أن يلقوها.

ومن عجيب ما يذكر في قضية تعزية الإنسان من وراءه بقوله أو بفعله، أنهم ذكروا عن الاسكندر الذي جاب الدنيا وملك الأرض أو كثيراً من بلدانها، أنه كتب إلى أمه رسالة يقول فيها: " إذا جاءك خبر موتي ونعيي فإنني أريد أن تكوني أماً لا كألامهات، كما أنني كنت ملكاً لا كالملوك، أريد أن تبني مدينة فإذا نزل بي الموت فابعثي إلى الأمصار شرقها وغربها أن يوافوك في يوم معين في هذه المدينة للسرور والأكل والشرب، ليكون مأتمي سروراً حيث كان مأتم غيري حزناً وهماً، وقولي لهم: لا يوافيك في ذلك اليوم أحد أصابته مصيبة قط، لا يوافيك إلا المسرورون أما الحزانى فليبقوا حيث هم ".

فلما مات الاسكندر الأكبر أوصت أمه وكتبت إلى الأمصار أن يحضروا فجلست تنتظر فلم يحضر إليها أحد، فقالت: أين الناس؟ قالوا لها: إنك قلت: لا يحضر في هذا اليوم أحد قد أصيب بمصيبة وما من إنسان إلا ونزلت به مصيبة أمس أو اليوم أو قبل أمس، فقالت لولدها: لقد عزيتني بعد موتك بموتك، أي: أنه قصد أن يقول لها: لست وحدك التي نزلت بك مصيبة، كل الناس نزلت بهم مصائب فاصبري وتعزي وكما كانت تقول الخنساء: فلولا كثرة الباكين حولي على إخوانهم لقتلت نفسي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015