الأمة تعيش أحداثاً جساماً قبل رمضان

أيها الإخوة! يقبل رمضان على الأمة في هذا العام، وفي هذه السنة، يقبل ووجوه الناس غير الوجوه التي كان يعرف، سيتنكر لرمضان كثيرون، وسيتغيرون عليه عما كانوا عليه بالأمس.

لقد عاشت أمة المسلمين من رمضان في العام الماضي إلى رمضان في هذا السنة عاشت أحداثاً جساماً، سبحان من يرث الأرض ومن عليها! وسبحان من يعلم الغيب! لا يعلم الغيب إلا هو، من كان يدري ماذا سيجري لهذه الأمة بعد شهر رمضان؟ لقد تغيرت أشياء كثيرة، وتبدلت أحوال، ونزلت بالأمة نكبات وملمات وأزمات ومصائب عظام، نسأل الله -عزَّ وجلَّ- أن يجعل عاقبتها للمسلمين خيراً، وأن يعوض المسلمين عنها خيراً مما فقدوا.

لقد عاش المسلمون آلاماً جسيمة منذ الحج في العام الماضي، ثم مروراً بشهر الله المحرم، حيث حصل فيه اجتياح العراق للكويت، وما ترتب على ذلك من آثار وأحداث، إلى هذا اليوم الذي لا زال المسلمون يضعون أيديهم على قلوبهم، خوفاً مما يُخبأ في أيامٍ وليالٍ الله تعالى أعلم ما يكون فيها، وفي هذا عبرة أيُّ عبرة، فإن الأمم تقيس مدى تقدمها أو تأخرها ليس بالسنة، بل أحياناً باليوم، وربما بالساعة أو الدقيقة، أما المسلمون فإن الأيام والليالي تجعلهم دائماًَ وأبداً، يعيشون في خوف وترقب، ويعيشون في وجل مما قد يكون، وعلى كل حال فإن المؤمن مهما نزل به من بلاء، ومهما ألمت به من مصيبة إلا أنه يعلم أن ذلك بقضاء الله تعالى وقدره، وقد قال -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح: {عجباً لأمر المؤمن! إن أمرَه كلَّه له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر؛ فكان خيراً له} فربما يتساءل كثير من الناس، كثير من المؤمنين يتساءلون: ماذا بين هذا الشهر الكريم الذي نعيشه الآن وبين الشهر الذي قد يدركه منا من كتب الله تعالى له أن يدركه في العام القادم ماذا تُرى سيقع للمسلمين، أفراداً وشعوباً وأمماً؟ ماذا سيحدث لهم؟ إن المؤمن الذي ينظر بعين التفاؤل والأمل والثقة بوعد الله عزَّ وجلَّ هو على يقين أن الله تعالى سيجعل هذا العام والأعوام المقبلة، للمسلمين خيراً في دنياهم ودينهم، وسيجعل منها سبباًَ إلى وصول المسلمين إلى ما يصبون إليه، من عز ونصر وتمكين، وستكون -بإذن الله تعالى- سبيلاً إلى إقبال الناس إلى ربهم، وتوجههم إلى الله عزَّ وجلَّ، فإننا جربنا أن الهزائم والنكبات التي تعيشها الأمة تكون دائماً عكس ما يريد أعداؤها، تكون سبباً إلى إيقاظ الأمة، وإحياء قلوبها، وإقبالها إلى ربها، وقد حصل للمسلمين خير كثير من جراء الهزائم والنكبات التي ألمت بهم مما واجهوا عدوَّهم اليهود، أعداء الله ورسوله.

ولا شك أن الناس يترقبون إعلان هذا الشهر، فنحمد الله تعالى على أن بلغنا هذا الشهر الكريم، ونسأل الله تعالى أن يكتب لنا أجر صيامه وقيامه، ونسأله -عزَّ وجلَّ- أن يجعلنا فيه من عتقائه من النار، إنه على كل شيء قدير، اللهم بارك لنا في هذا الشهر، اللهم ارزقنا صيامه وقيامه، اللهم اجعلنا فيه من عتقائك من النار، اللهم أعنا فيه على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين، اللهم أعنا على نفوسنا، اللهم أصلح فساد قلوبنا، اللهم وفقنا لما تحب وترضى من صالح الأقوال والأعمال، يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام.

والحمد لله رب العالمين.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015