التفرق والتناحر

{قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} [الأنعام:65] هذه هي النقطة الثالثة: أو يلبسكم شيعاً، إذاً من صور العذاب الذي يصيبنا بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قضية أن يلبسنا الله تعالى شيعاً ويذيق بعضنا بأس بعض.

ولذلك قال الله عز وجل: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران:104] ثم قال في الآية التي بعدها: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} [آل عمران:105] .

في عدد من البلاد المجاورة تجد أن أهم أسباب تفرقهم: أنهم لم يأمروا بالمعروف، ولم ينهوا عن المنكر، فترتب على ذلك شيوع الفساد، اليوم يعلن -مثلاً- عن حفل راقص في مكان كذا، وغداً يعلن عن حفل غنائي في مكان كذا، وبعده يعلنون عن عرض مسرحيٍ في مكان كذا، وهكذا أصبحت المنكرات في بلادهم منتشرة.

فالغيورون الصالحون لم يرضوا بهذا، فصارت الأمة فرقاً بعد ذلك، لم يجدوا مجالاً للتغيير والإنكار بالأسلوب الصحيح، فلجئوا إلى أساليب أخرى، أحدثت تفرقاً آخر في الأمة، حتى تمزق المجتمع شيعاً وأحزاباً بسبب ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأن المجتمع إذا ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا بد أن يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف، ويعتبر هذا الإنسان الذي جاء يقاوم المنكر ويقضي عليه إنساناً أصولياً متطرفاً ومتسرعاً، هذا إنسان يريد أن يقضي على المكاسب الحضارية والمكاسب الوطنية للأمة، وبالتالي أنقلب الحق باطلاً والباطل حقاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015