كلام الشيخ الألباني عن الدعاة

والآن مع كلمة فضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني: الشاهد أنني أفرق بين محمد بن سرور وبين بعض الأفراد كـ سلمان وسفر هؤلاء من الشباب الناشئين في الدعوة السلفية، وأنهم معنا في العقيدة وفي المنهج، لكن قد يكون خالطهم شيء من سياسة الإخوان المسلمين.

أنا أقول: قد يكون لأن الحقيقة أنني ما التقيت بهم إطلاقاً مع كثرة ترددي إلى السعودية حجاً وعمرة، لكن الظاهر أنهم ما كانوا نبغوا هذا النبوغ الذي ظهر أخيراً منهم، وإن كان زارني منذ أقل من سنة أحد هؤلاء الذين ينهجون منهج الجماعة هؤلاء وهو ناصر العمر فزارني هنا والتقيت به، وجرى نقاش بيني وبينه حول كتيب صغير له اسمه، فقه الواقع والحقيقة أنني أيضاً سررت منه؛ لأنه أشعرني بأنه فعلاً معنا على الخط، أي ليس عنده تحزب، وليس عنده تعصب، فقد تراجع عن غير قليل من الأمور التي ذكرها في كتابه هذا فقه الواقع، ووعد بإعادة النظر في قضايا أخرى، أسرني هذا جداً منه، وشعرت بأنه فعلاً معنا على الخط، أما سفر فما التقيت به، كذلك سلمان، لكن سلمان من قبل كان أرسل لي خطاباً قصيراً جداً، يظهر في هذه الرسالة الصغيرة عواطفه تجاه الألباني وعلمه ودعوته إلى آخره وهذا ما لا يمكن أن أسمعه من الإخوان المسلمين مستحيل! بعد ذلك اتصل بي هاتفياً أكثر من نصف ساعة وهو يتكلم، وأيضاً يؤكد ما كان أوجزه في تلك الرسالة، ثم أرسل إلي خطاباً مسجلاً على الورق وأظهر شيئاً لا أعرفه من غيره حتى من إخواننا السلفيين قال: انظر أي مسألة أنت تراها في كتبي لك نقد عليها، أو اعتراض أو تصحيح، فأنا مستعد أن أنشر كل شيء تعدله وتصححه وتغيره، إلى آخره، هذا يدل على نفسية عظيمة جداً من حيث أنه تقبل الحق من الآخرين، ويتمنى بحرارة أن تزول بعض الأحوال القائمة هناك، حتى يسارع إلى زيارتي.

خلاصة القول: أنا أعتقد أن إخواننا الذين نجلس معهم دائماً يعرفون رأيي هذا منذ أول ما بدأنا نطلع على بعض رسائلهم، أن هؤلاء الإخوان مثل سلمان وسفر ونحوهم هم معنا على الخط السلفي لا شك ولا ريب في ذلك، لكن هناك ملاحظتان فقط: إحداهما سبقت الإشارة إليها وهي أنهم قد يكونوا متأثرين بأسلوب دعوة الإخوان المسلمين إلى حد ما.

الشيء الثاني: أنهم ناشئون فيما يتعلق بالعلم من الكتاب والسنة، ليسوا متمرسين فيهما، فقد يبدو خاصة من سلمان بعض كلمات أعتبرها أنها بسبب التسرع في تبني رأي ما، دون عرض هذا الرأي لبساط البحث والمناقشة، لكن هذا كله لا يخرجه عن الدعوة التي نحن نلتقي معهم ويلتقون معنا، وأسفت جداً حينما بلغني ثم اتصل بي أحد الإخوان السلفيين هناك، وزارنا هنا وكان بعض إخواننا الجالسين حاضر، وإذا بجماعة السلفيين فيالحجاز، وربما أكثر من الحجاز انقسمت إلى طائفتين كما حصل هناك في أبو ظبي، ونصحنا الجماعة الذين هم معنا بعدم الاشتغال بالسياسة لكنهم يحملون حملات شعواء جداً على سلمان وعلى سفر، ويظنون فيهم ظن السوء، وجرى نقاش بيني وبين هؤلاء الذين يظنون هذا الظن، وأنكرت عليهم أشد الإنكار وأن هذا لا يجوز، ويجب أن نتحمل إذا وجدنا من بعضهم رأياً مخالفاً لما هو المعروف عندنا كجماعة -مثلاً- فالدعوة السلفية لا تعرف التعصب لشخص معين، أو لرأي معين، إنما الحجة والبرهان والدليل، فهذا الذي أنا وصلت إليه إلى الآن، قبل أن أتصل بالشخصين المذكورين شخصياً فهم معنا في الدعوة، لكن قد يكون لهم اطلاع في بعض الجوانب لا يشاركهم الإخوان الآخرون فيها، وقد يكون لهم بعض الاجتهادات في بعض المسائل الفرعية، تكون موضع نظر، وقد يكون الصواب معهم أو مع غيرهم، فما ينبغي أن يكون مثل هذا الاختلاف في بعض الجزئيات سبباً للفرقة، ونحن نعلم جميعاً أن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذين هم بنص القرآن الكريم كانوا خير أمة أخرجت للناس، ومع ذلك كانوا مختلفين في بعض المسائل التي لو وقع مثلها اليوم لتصدع الصف بسبب هذا التعصب، وعدم الرجوع إلى القواعد والأصول، هذا ما عندي حول هذا الموضوع.

Q فضيلة الشيخ ما وصيتك للإخوة السلفيين الذين يزعجون، أو يؤذون، بأن يقال عنهم بأنهم سروريون وهم ليسوا سروريين، ربما قرءوا مجلة السنة واستمعوا إلى أشرطة بعض الإخوة ثم يتكلم عنهم في المجالس بأنهم سروريون، فاعتزلوهم وتركوهم، فما وصيتك لهؤلاء الذين يقال عنهم هذا؟

صلى الله عليه وسلم أولا: أظن أنه يفهم شيء من جواب هذا السؤال مما سبق، سرور كشخص وله تلك المجلة، لكن لم نطلع على منهجه وعقيدته بقدر ما اطلعنا على دعوته السياسية، ولذلك فلا يجوز أن ننسب إخواننا هؤلاء الذين يشتركون معنا في الدعوة إلى الكتاب والسنة والتوحيد ومحاربة البدع، هذا الجانب لا نعرفه من سرور، لو كان العكس لكان أقرب، لو نسب سرور إلى هؤلاء كان مقبولاً، لأن سرور لا نعرف عنه شيئاً من هذا العلم الذي نعرفه عن هؤلاء.

ولذلك فأنا أنصح إخواننا هؤلاء الذين يتسرعون في نسب من هم معنا في الدعوة السلفية كـ سلمان وسفر إلى شخص لا نعرف ما هي حقيقة دعوته، نحن نتمنى أن تكون دعوته هي الدعوة السلفية، بل أن تكون دعوته دعوة سلمان ودعوة سفر، وإن كنّا قد ألمحنا آنفا أنه قد نأخذ عليهم بعض الأشياء الطفيفة التي لا يمكن أن ينجو منها صحابيان، أي: يكون بينهم شيء من الخلاف، هذا لا ينبغي أولاً أن يكون سبب التباعد وسبب التباغض وسبب التنافر، والتفرق كما في قوله تبارك وتعالى: {وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم:31-32] .

ونعلم قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات:6] فهؤلاء إخواننا الذين يتهمون هؤلاء الإخوان السلفيين بأنهم سروريون نقول لهم: هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين.

أولاً: سوف لا يستطيعون أن يقدموا دعوة سرور ما هي، فإذاً هم يتهمون هؤلاء الذين عرفوا بدعوتهم بدعوة إنسان لم تعرف دعوته ما هي؟ فتشملهم تلك النصوص التي ذكرتها آنفا من القرآن، ثم يأتي أخيراً قوله عليه الصلاة والسلام: {كفى المرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع} .

ولذلك فأنا أذكر كل إخواننا السلفيين في كل بلاد الدنيا الذين هم معنا على أصول الدعوة السلفية وفروعها، ومنها ألا ننقل خبراً إلا بعد أن نتثبت منه، فاتهام هؤلاء بأنهم سروريون هذا خطأ بينٌ وواضح، ثم هو مفرق للصف فلا يجوز؛ هذا ما عندي.

السؤال: ماذا توصي أولئك الذين يتهمون -مثلاً- شباب سلفيون بأنهم سروريين لكنهم حتى الآن نوصيهم بالهدوء، ونوصيهم بالتزاور؟ الجواب: بلا شك في هذا لا ينبغي أن يهتموا بما قد يبلغهم من نسبة هم يعلمون من أنفسهم أنهم ليسوا منتسبين إليها، ونوصيهم بالصبر من جهة، كما نوصي الطرفين باستعمال الحكمة كما قال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل:125] فالصبر هو أساس النجاة في كل أمور الحياة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015