المجال الثالث: قضية معالجة المشكلات الاجتماعية كما ذكرت، يعني: أن تنزل الأخت للميدان، وتحرص على أن تكون ملجأً وكهفاً لمن يعانون من المشكلات، وتبذل من وقتها، هناك الأغنياء الذين يبذلون من أموالهم، لكن قد يكون بذل الوقت -أحياناً- أهم من بذل المال، فهذه تعاني مشكلة، وهذه عندها قضية، وهذه عندها أزمة، ربما أنها تحتاج إلى قلبٍ يحنو ويعطف عليها، ويسمع مشكلتها، ويتعامل ويتعاطف معها، ويحاول أن يحل المشكلة لها، حتى -أحياناً- قد لا يكون الحل جاهزاً، وربما أن المرأة أو الفتاة التي تعاني من مشكلة جربت الأمر، وجربت كل الحلول، وربما تشعر بأن الطريق أمامها مسدود، فأنت تقولين: لماذا تأتي وتشغل وقتي بالكلام عن هذه المشكلة؟! وأن فلانة قالت لي، وفلانة وأمي وأبي وأخي وقريبتي الخ.
ألا تدرين أنه -أحياناً- مجرد تنفيسها عن المشكلة، ومجرد كونها تشكو، أو تتكلم عن هذه المشكلة هذا يعتبر نوعاً من العلاج، فدعيها تتحدث معك، وتقول ما تعاني من مشكلات، وحاولي أن تظهري التأثر بما تقول، والتأثر بما تعاني، وتَدْعِين لها بالإعانة، والتسديد، والتوفيق، فإن هذا يعتبر جزءاً كبيراً من العلاج، وأحياناً: ولابد من شكوى إلى ذي مروءة يواسيك أو يسليك أو يتوجع.
ليس شرطاً أن تحل المشكلة، لكن مجرد كونها تشعر أن قلبك معها، قد يكون هذا سبباً في حلها، وهذا من أعظم أسباب حفظ المجتمع من الانحراف، ولا مانع أن أضرب لك مثالاً واحداً.
مثلاً: فتاة تواجه في بيتها مشكلة، أبوها قاسٍ عليها يضربها، ويهملها، ويؤدبها أدباً غير شرعي، لأن الأدب الشرعي مطلوب، ويُسيء إليها، ويتهمها، وقد تكون أمها مطلقة، فيمنعها من زيارتها، فتعاني البنت الأمرين في بيتها، لم تسمع طيلة عمرها كلمة حلوة، ولا عبارة جميلة، ولا أحست بأن هناك قلباً يحنو عليها، ألا تعتقدين أن هذه البنت عرضة للذئاب؟ إذا اتصل بها بالهاتف صوتٌ متهدج -صوت رجل- يظهر الليونة، ويخاطبها بأرق العبارات، وأحسن الألفاظ، وأجمل الكلمات، ويقول لها: إن قلبه يخفق بحبها، وأنه وأنه حتى ولو كان كذاباً كبيراً، ودجالاً خطيراً، سوف تجد في قلبها، وفي داخلها دافعاً لتصديقه فيما يقول ومجاراته، وستحس بأن هذا نفقاً فتح لها أو نافذة، وهنا مكمن الخطورة، لكن لو وجدت قلب فتاة مثلها مخلصة، دينة، داعية، ففتحت لها صدرها، وعالجت مشاكلها واستمعت إليها، وتعززت لها، وصارت تتصل بها، وتوجهها، وترشدها، وتقف معها، لكان هذا بإذن الله تعالى عصمةً ووقاية من الانهماك في مهاوي الرذيلة والانحراف.
إذاً: لابد أن تقوم الفتاة بدورها في معالجة المشكلات الاجتماعية، والدخول مع الناس.