يجب على المرأة أن تدرك هذا الدور، وأن تدرك أن استعادتها لمكانتها لا يكون بتأثرها بتلك الدعوات العلمانية التي تدعو المرأة إلى خلع ما يسمونه بالمألوف، أو التقاليد البالية، أو العادات المتوارثة، والتحرر من ربقتها.
إن هذه الأصوات لا تعدو أن تكون استغلالاً لواقع قد تعيشه المرأة في بعض البيئات وفي بعض البلاد، ولكن النداء الحق والصوت الحق هو الذي ينادي ويدعو إلى تحرير المرأة من رق العبودية لغير الله عز وجل، ومن قيود التبعية للشرق أو الغرب.
نعم.
قد تخرج المرأة -مثلاً- من قيد التبعية، أو التأثر بأوضاع اجتماعية لا تكون مرضية، ولكنها تقع في قيدٍ آخر وهو قيد أشد وأعظم وأنكى، فتقيد نفسها بقيود الموضة ورسومها، أو العادات الغربية المستوردة التي تفرض نفسها على المرأة حتى لا تجد لها عنها مخرجاً، وهناك فرق بين هذين النوعين: النوع الأول من القيود التي تعانيها النساء في بعض المجتمعات العربية والإسلامية، هي: قيود ربما يفرضها المجتمع، فتشعر المرأة بكراهيتها، وتتنصل منها.
النوع الثاني من القيود التي أتت بها الحضارة الغربية، هي: قيود تقيد المرأة بها نفسها بطوعها واختيارها ورغبتها، وهذا سر خطورتها.
إن المرأة يجب أن تتخلص من كل تلك القيود لتعيش في ظل الإسلام، والإسلام فيه تكاليف ولا شك، وفيه ضوابط، وأوامر، ونواهي، وقد يسمي البعض هذه الأشياء قيوداً، ولكنها قيود من عند الله عز وجل، وتكاليف أمر بها رب السماوات والأرض، وهي على المرأة، كما هي على الرجل أيضاً، هي على جنس الإنسان؛ لأن الإنسان عبد في هذه الدنيا، وليس حراً في الواقع، عبد ولكن لمن؟ ليس عبداً للمادة والشهوة، والدرهم والدينار والكراسي والعادات والتقاليد القبلية، وإنما هو عبد لله عز وجل، ومقتضى عبوديته لله تقتضي أن يطيع الله تعالى فيما أمر ونهى، وأن يدرك أن العبودية لله هي أعظم مظاهر الحرية الحقيقية، فمن كان عبداً لله تحرر من العبودية لغير الله، أما من رفض هذه العبودية وتمرد عليها، فإنه يكون عبداً لآلهة شتى: يكون عبداً للشهوة، وللمادة، وللحب، وللهوى، وللعشق، ولألوان من المذلة في حياته، ولهذا قال القائل: أطعت مطامعي فاستعبدتني ولو أني قنعتُ لكنت حرا فعبودية الطمع في المال، أو فيما يريده الإنسان من أغراض وأعراض الحياة الدنيا هي أخطر ألوان العبودية.
إذاً: واجب أن تدرك المرأة المسلمة أن حريتها الحقيقية، وأن نجاتها، وخلاصها، ليس أن تخرج من قيد إلى قيد، ولا أن تهرب من مشكلة إلى مشكلة أعظم منها، ولا أن تعالج المرض بمرض مثله أو أشد، ولكن أن تخرج من ذلك كله وتتخلص من هذا الإسار والأغلال إلى الإيمان، والدين، وإلى طاعة الله تعالى، وأن تكون المرأة المسلمة منادية بكل ذلك.