إن هدف إسرائيل في الحرب والسلام هدف واحد، وإنها لا يمكن أن تعيش بمعزل عن جيرانها، أو في ظل مقاطعة عربية صارمة، ولا تريد الاندماج وفق الشروط العربية، ولكنها تريد أن ترغم العرب على القبول باستغلال إسرائيل لثرواتهم، أو بمعنى أصح: مشاركة القوى العالمية التي تنهب ثروات العرب النفطية وغير النفطية، فتريد أن يكون لها نصيب الأسد في نهب هذه الثروات ومشاركة القوى العالمية في نهب الثروات العربية والإسلامية.
إنها تريد القبول بالقيادة اليهودية للأمة الإسلامية سياسياً، وحضارياً، واقتصادياً وبشكل عام، فلو أجرينا مقارنه بين العمل العسكري الذي يمكن أن تقوم به إسرائيل، والعمل السلمي لوجدنا الأمر واضحاً جدا، فالعمل العسكري في متناول إسرائيل أن تقوم به، بإمكانها أن تشن حرباً أو عدواناً شاملاً على كل المحاور وكافة الأطراف، ولكن هذا العمل العسكري الذي قد تتفوق فيه إسرائيل نظراً لتفوقها في المجال الجوي وفي مجال الأسلحة الاستراتيجية وفي المجال النوعي، هذا العمل العسكري لا يمكن أن يضمن لإسرائيل حدوداً آمنة، ولا يمكن أن يضمن لها اقتصاداً نشطاً قوياً، ولا يمكن أن يضمن لها حدوداً مفتوحة مع جيرانها.
إن إسرائيل صغيرة الحجم، صغيرة الموارد، تعتمد كثيراً على ما يأتيها من الدعم الخارجي، سواء الدعم من القوى الدولية كأمريكا وغيرها، أو من دعم الأفراد اليهود والأثرياء اليهود الموجودين في العالم، وهي قليلة العدد، صغيرة المساحة، ومع صغر مساحتها فإن نصف هذه المساحة هي عبارة عن صحراء جرداء قاحلة، ويكفي أن تعلم في قلة موارد إسرائيل أن حجم البترول والغاز الذي تستخدمه إسرائيل من أرضها لا يعادل إلا (1%) مما تستخدمه، ومعنى ذلك أنها تستورد (99%) من الطاقة النفطية والغاز من الخارج، فضلاً عن المشكلات المائية التي قد تواجهها إسرائيل عام (2000م) كما تقول كثير من التحليلات والدراسات الغربية والإسرائيلية، ولذلك تدرك إسرائيل أن مشكلتها لا يمكن أن تحل عن طريق الحرب والعمل العسكري بأي حال من الأحول، ولا يمكن أن تحل إلا عن طريق العمل السلمي، ولهذا سعت إسرائيل إلى عملية التطبيع، لضمان أهداف عديدة منها: