وإن وجود هدف معقول هو من أسباب حسن العمل، فأنت -مثلاً- تنشر العلم وليس بشرط إن كنت مدرساً أن تكون عالما فحلاً يشار إليه بالبنان، ولكن لو كان عندك معرفة بمتن من المتون، فمن الممكن أن تدرسه للناس بقدر طاقتك، وتحفيظ القرآن لا يشترط أن تجلس لتحفيظ القرآن أن تكون حافظاً للقرآن بالقراءت السبع، والوجوه وغير ذلك، بل لو كان عندك قدرة على الحفظ ووتحفظ طلابك في آن واحد.
فإذا لم يوجد غيرك ممن هو أفضل منك، فلا بأس من ذلك، وهكذا الخطابة، ليس شرطاً أن تكون سحبان بن وائل أو خطيباً يهز أعواد المنابر ويحرك عواطف الجماهير من أول وهلة، المهم أن يكون عندك قدرة على أدنى حد معقول من الخطابة، لتستفيد من هذا، وتتدرب وتترقى في مراقي ومعارج الكمال شيئاً فشيئاً.
ولا بد أن تدرك أن الأمور نسبية، وأننا نحن الآن في زمن الغربة، وهذا آخر الزمان، وأنت لست الآن في القرون الفاضلة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كثرت الفتن، وكثرت الشهوات، وكثرت الصوارف لك أنت ولغيرك من الناس عن الخير، فينبغي أن تضع ذلك كله في اعتبارك.